القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المنشورات

 

 


أين ياجوج وماجوج الآن؟

(Where are Gog and Magog now?)

بقلم: د. الحسين بودميع

من أهم أحداث النهاية التي ستلي نزول عيسى خروجُ ياجوج وماجوج؛ وهم خلق من خلق الله؛ دل ما ورد بشأنهم في نصوص الوحي على أنهم مطبوعون على الشر والإفساد في الأرض، وقد حكى الله من شأنهم أنهم كانوا يغيرون من مقامهم على من يجاورهم من الأقوام، حتى أتى عليهم الملك الصالح ذو القرنين، وهو يطوف الأرض، فبنى بينهم وبين الناس ردما قويا من حديد ونحاس، بطلب من القوم المستضعفين الذين كانوا يعانون من غاراتهم وإفسادهم، فحال ذلك الردم بينهم وبينهم.

ففي نبأ ذي القرنين أنه بعد رحلته إلى مطلع الشمس (اتَّبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السُّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا)[1]).

وقد تنبأ القرآن وصحيح الأثر بحقيقة خروجهم من مستقرهم بأعداد كثيرة ليفسدوا في الأرض قبيل القيامة، بعد أن يمكنهم الله من ثقب ردم ذي القرنين؛ فقد حكى الله في نبأ ذي القرنين أنه بعد فراغه من بناء الردم (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا)([2])، وفي موضع آخر: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) ([3]).

وفي مسند أحمد وغيره عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَيَحْفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَتحْفِرونَهُ غَدًا، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ، وَأَرَادَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يَبْعَثَهُمْ إِلَى النَّاسِ، حَفَرُوا حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَيَسْتَثْنِي، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَحْفِرُونَهُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ»([4]).

 وقرر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه أن خروجهم من الآيات العشر الكبرى المؤذنة بنهاية الدنيا؛ ففي الصحيح عن حذيفة بن أسيد قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ مِنْهُ فَاطَّلَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ: «مَا تَذْكُرُونَ؟»، قُلْنَا: السَّاعَةَ، قَالَ: «إِنَّ السَّاعَةَ لا تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ»([5]).

 وذكر أن خروجهم سيكون بعد نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال، وأنه لا قِبَل لأحد بهم، وسيحاصرون المؤمنين مع عيسى في جبل الطور الذي سيلجأون إليه بأمر الله، فيدعو عليهم عيسى ومن معه، فيهلكهم الله بوباء يسلطه عليهم؛ ففي حديث طويل عند مسلم أن الله يوحي إلى عيسى بعد قتله الدجال: «إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لا يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ([6])؛ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ، فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ [أي يتضرعون ويدعون]، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ([7]) فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى([8]) كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الأَرْضِ، فَلا يَجِدُونَ فِي الأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ، فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ»([9])؛ فينتهي بذلك أمرهم. 

هذا ويتعلق بالبحث في شأن ياجوج وماجوج إشكال صعب، لا يسع الباحث في هذا المجال أن يتجاهله؛ وهو مكان تواجدهم الآن؛ فإن المستريب ممن لا يدين بصدق القرآن قد يعترض، فيقول: كيف يخبر القرآن بوجود قوم في الأرض، غير شعوبها المعروفة، والحال أن الأرض قد اكتشفت عن آخرها، ولم يبق منها موضع ولا زاوية إلا وهي تحت أنظار الناس، ومصورة بآلات تصويرهم؛ فما رأيناهم، ولا وقفنا لهم على أثر؟ فأين هم؟ وأين مُقامهم؟   

وقد ذكر الشيخ الطنطاوي في تفسيره أن كاتبا هنديا «كتب .. سنة 1898م في مجلة (الهلال) يسأل علماء مصر والشام: أين ياجوج وماجوج؟ وهل هم موجودون؟ وإذا كانوا موجودين؛ فأين هم، والناس قد اطلعوا على أحوال أكثر الشعوب في الأرض؟ وهل قول الله تعالى يتغير؟ وإذا كان قول الله حقا وصدقا؛ فأين هؤلاء؟»([10]).

 ثم ذكر الطنطاوي أنه كتب جوابا عنه، وأرسله إلى المجلة المذكورة، وقد أثبته في التفسير، وسيأتي.

ووجَّه هذا السؤالَ مستفت من السودان إلى محمد رشيد رضا، وقال رضا في مستهل جوابه عنه: «سألنا هذا السؤالَ غيرُ واحد من مصر وروسيا وغيرهما من الأقطار»([11]). 

وللانفكاك عن هذا الإشكال والإجابة عنه سلك العلماء والباحثون مسالك مختلفة تترد إجمالا بين التفويض، والتأويل، وعدم التسليم بوجاهة الاعتراض؛ وترجع على وجه التفصيل إلى سبعة اتجاهات:

 

الاتجاه الأول

رفض التسليم بما بني عليه هذا الاعتراض؛ وهو القول بأن الأرض قد اكتشفت عن آخرها، وقد نحا هذا المنحى محمد رشيد رضا في جوابه عن السؤال الذي ورد إليه يتضمن هذا الإشكال؛ فقال: «إن دعوى معرفة جميع بقاع الأرض باطلةٌ؛ فإن بقعة كل من القُطْبَيْنِ لا سِيَّمَا القطب الجنوبي لا تزال مجهولةً؛ وقد استدل بعض العلماء على أن السدّ بني في جهة أحد القطبين بذكر بلوغ ذي القرنين إلى موضعه بعد بلوغ مغرب الشمس ومطلعها، وليس ذلك إلا جهة الشمال، أو جهة الجنوب»([12]).

و أورد ابن حزم هذا الاعتراض وإن كان لا ينسحب على زمانه؛ لأن الأرض لم تكتشف بعد كلها في وقته، فأجاب على هذا النحو، قال: «وحتى لو خفي مكان يأجوج ومأجوج والسد؛ فلم يعرف في شيء من المعمور مكانه، لما ضر ذلك خبرنا شيئاً؛ لأنه كان يكون مكانه حينئذ خلف خط الاستواء حيث يكون ميل الشمس ورجوعها، .. كما هو في الجهة الشمالية، بحيث تكون الآفاق كبعض آفاقنا المسكونة، والهواء كهواء بعض البلاد التي يوجد فيها النبات والتناسل»([13]). وهذا الرأي معارض بأن الأرض لم يبق منها موضع إلا وقد وصل إليه الناس في هذا الزمان، وشاهدوه، وصوروه؛ وأما قول الشيخ محمد رشيد رضا: «إن دعوى معرفة جميع بقاع الأرض باطلةٌ»، فقد يصدق على زمانه دون هذا الزمان، ولو قدر له أن يعيش إلى هذا الوقت لكان له جواب آخر.

الاتجاه الثاني

 تأويل نبوءة خروج ياجوج وماجوج بحدث خروج المغول والتتر من بلادهم وهجومهم على ما وليهم من بلاد آسيا وبلاد المسلمين في القرن السابع الهجري؛ وبه أجاب معظم المفسرين المحْدَثين عن الإشكال. ولازِمُ هذا الرأي أن من ينحدر من الشعوب الحالية من سلالة التتر والمغول هم ياجوج وماجوج الآن.

 جاء في تفسير الطنطاوي: «أن المغول والتتر هم المقصودون بياجوج وماجوج»([14]) وأن معنى قوله عز وجل: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ): «أي فتحت جهتهم، على أحد التفسيرين، ولقد فتحت تلك الجهة في أوائل القرن السابع من الهجرة...، وخرج (جنكيزخان) وجنوده، وملكوا مشارق الأرض ومغاربها»([15]).

 وتبع الطنطاويَّ في هذا شيخُ الأزهر الأسبق أحمد مصطفى المراغي؛ فقال: «يأجوج: هم التتر، ومأجوج: هم المغول، وأصلهما من أب واحد»([16]).

ومال إلى هذا الجواب صاحب الظلال من غير جزم، فبعد أن أكد أن أسئلة: «مَنْ يأجوج ومأجوج؟ وأين هم الآن؟ وماذا كان من أمرهم؟ وماذا سيكون؟!... أسئلة تصعب الإجابة عليها على وجه التحقيق»([17])، قرر أن «من الجائز أن... تكون غارات المغول والتتار التي اجتاحت الشرق هي انسياح يأجوج ومأجوج»([18])، ثم قال: «وكل ما نقوله ترجيح لا يقين»([19]).

وممن نحا هذا المنحى أيضا المحدثُ الهندي محمد أنور الكشميري؛ الذي ذهب إلى «أن سد ذي القرنين قد اندك اليوم، وليس في القرآن وعدٌ ببقائه إلى يوم خروج يأجوج ومأجوج، ولا خبر بكونه مانعاً من خروجهم، ... فلهم خروج مرة بعد مرة، وقد خرجوا قبل ذلك أيضاً، وأفسدوا في الأرض بما يستعاذ منه [يشير إلى هجوم التتر]؛ نعم يكون لهم الخروج الموعود في آخر الزمان، وذلك أشدها، وليس في القرآن أن هذا الخروج يكون عقيب الاندكاك متصلاً، بل فيه وعدٌ باندكاكه فقط، فقد اندك كما وعد»([20]).

وقد أنجز العالم الهندي وزير المعارف بالهند بعد الاستقلال، (أبو الكلام آزاد) في الموضوع «بحثا يتسم بسمة العلم والتروي، ويستند إلى مصادر عديدة ووثائق أثرية هامة»([21])، وسماه (ويسألونك عن ذي القرنين)، نحا فيه هذا المنحى، وانتهى فيه إلى «ترجيح كون ذي القرنين هو الملك كورش؛ ملك الفرس في القرن السادس قبل الميلاد، والذي .. أذن لليهود المسبيين في مملكة بابل بالعودة إلى فلسطين وتجديد أورشليم (بيت المقدس) ومعبدها سنة (538 ق. م)، وأن السدّ هو غير سدّ دربند، وإنما هو بين طرفي جبل من جبال القوقاز بين مدينتي (ويلادي كيوكز) و(تفليس)، ويعرف باسم مضيق كورش فيما يعرف به من أسماء، وأنه لا يزال موجودا وهو خليط بالحديد والنحاس، وأن يأجوج ومأجوج هم قبائل منغولية كانت تعيث فسادا في البلاد، فأنشأ كورش السدّ لمنعهم»([22])، وقرر فيه أن ياجوج وماجوج خرجوا في الماضي للإفساد في الأرض على سبعة أدوار([23])؛ آخرها هجومهم على غيرهم من الأمم في القرن السابع الهجري.

وتبع أبا الكلام آزاد على مقولة خروجهم على أدوار عبد العليم عبد الرحمن خضر في كتابه مفاهيم جغرافية في القصص القرآني([24])، ومال إليها محمد خير رمضان يوسف، ورأى أن «بذلك يمكن التوفيق بين الأقوال، ولن تكون مخالفة للأحاديث الصحيحة»([25]).

 وعلى هذه المقولة بنى الدكتور أحمد الشفيع الماحي أطروحته في كتابه (ياجوج وماجوج فتنة الماضي والحاضر والمستقبل)؛ فبعد أن بين ما يراه من أن ياجوج وماجوج هم سكان (منغوليا)([26])، تحدث عن فتنتهم في الماضي المتمثلة في إغاراتهم المتكررة على جيرانهم من القبائل الصينية، وعلى غيرهم من بلدان آسيا، والتي كانت على سبعة أدوار؛ آخرها هجومهم البربري على بلدان كثيرة ومنها بلاد المسلمين في القرن السابع الهجري([27])، ثم ذكر أن خروجهم في الحاضر أو المستقبل القريب للهجوم على غيرهم، لا نستطيع التنبؤ به، ولكن «إمكانية الخروج مخبوءة في حناياهم، وفي الخواص المميزة لهم عن سائر بني آدم»([28])، وتحت عنوان (الخروج الأخير) الذي ختم به الكتاب، قال: «ومع دنو الساعة وقرب القيامة، تخرج جموع ياجوج وماجوج في آخر خروج لهم على ما تبقى من سلالة نوح في الأرض، فيعيدون ما فعله أسلافهم»([29]).

ويفهم من نقل القاسمي لأقوال بعض من يرى هذا الرأي في تفسيره وإقراره إياها، ووصفه أصحابها بـ"المحققين" أنه يرى ذلك أيضا؛ فقد عزا إلى "بعض المحققين" القول بأن «الغالب أن المراد بخروجهم هذا، خروج المغول التتر، وهم من نسل يأجوج ومأجوج، وهو الغَزْو الذي حصل منهم للأمم في القرن السابع الهجريّ»([30]).

ويؤيد هذا الاتجاه أن «التطورات الحاكمة على اللغات يهدينا إلى أن [ياجوج وماجوج] هم المغول؛ فإن الكلمة بالتكلم الصيني (منكوك) أو (منجوك)، ولفظتا (ياجوج وماجوج) .. في التراجم اليونانية وغيرها للعهد العتيق (كوك) و (ماكوك)، والشبَه الكامل بين (ماكوك) و (منكوك) يقضي بأن الكلمة متطورة من التلفظ الصيني (منكوك) كما اشتق منه (منغول) و (مغول)، ولهذا في باب تطورات الألفاظ نظائر لا تحصى؛ فياجوج وماجوج هما المغول»([31]).

ولكن الذين نحوا هذا المنحى، وطبقوا ما أخبر به القرآن من خروج ياجوج وماجوج «في آخر الزمان وإفسادهم في الأرض على هجوم التتر في النصف الأول من القرن السابع الهجري على غرب آسيا...، أهملوا البحث عن أمر السد من جهة خروجهم منه وحل مشكلته...؛ فإن كانت هذه الأمة المذكورة هي التتر، وقد ساروا من شمال الصين إلى إيران والعراق والشام وقفقاز إلى آسيا الصغرى، فأين كان هذا السد الموصوف في القرآن الذي وطؤوه ثم طلعوا منه إلى هذه البلاد..؟»([32])، وكيف خرجوا منه؟ وما معنى نقبهم له؟

وقد حاول الطبطبائي دفع هذا الإشكال، فجاء بجواب متكلف؛ أول فيه قول الله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي) تأويلا يجافي قوانين العربية، ومعهود العرب في لسانهم؛ فقال: «والذي أرى في دفع هذا الإشكال –والله أعلم- أن قوله (دكاء) من الدك بمعنى الذلة، قال في لسان العرب: وجبل دك: ذليل. انتهى. والمراد بجعل السد دكاء: جعله ذليلا، لا يُعبأ بأمره، ولا ينتفع به من جهة اتساع طرق الارتباط، وتنوع وسائل الحركة والانتقال برا وبحرا وجوا؛ فحقيقة هذا الوعد [(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي)] هو الوعد برقي المجتمع البشري في مدنيته، واقتراب شتى أممه»([33]).

هكذا قال، ولسنا ندري أين وعَدَ الله "برقي المجتمع البشري في مدنيته، واقتراب شتى أممه"؟ في أي كتاب؟  أو في أي آية؟ أو في أي حديث؟ حتى يكون هو المراد بالوعد في قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي).

ويرِدُ على هذا الاتجاه أيضا أن ما جاء عن ياجوج وماجوج في القرآن وصحيح الآثار يدل على أن خروجهم سيكون متصلا بقيام الساعة، وأنه سيحصل بعد خروج الدجال ونزول عيسى؛ وما حدث بعدُ شيئا من ذلك؛ فلو كان الأمر على ما زعموا «لكان الدجال قد خرج في أول القرن السابع من الهجرة قبل خروج التتار على المسلمين، ولكان عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام قد نزل من السماء وقتل الدجال قبل خروج التتار، ولكان سد ذي القرنين قد دك في ذلك الزمان، ولكان أوائل التتار قد شربوا بحيرة طبرية»([34])، ومعلوم أن شيئا من ذلك لم يقع وما أجابوا به من أن «خروجهم يكون مرة بعد مرة، حتى يكون خروجهم المراد عند نزول عيسى عليه السلام»([35]) لا يساعد عليه قوله I: (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا)([36])، الدال بوضوح على أنهم محجوزون وراء السد، ولن يطيقوا اختراقه إلا قبيل القيامة؛ وقد مضى في الحديث أن خروجهم من الآيات الكبرى؛ ومضت الإشارة في مبحث سابق إلى أن علامات الساعة الكبرى تتميز عن الصغرى بأنها أمور خارقة للعادة؛ لم يعتد الناس مثلها؛ وهجوم التتر من جنس الحروب المعتادة؛ ليس فيها خرق للعادة؛ وأيضا قد مر في الحديث أن ياجوج وماجوج «لا قبل لأحد بقتالهم»، أما التتر فقد واجههم المسلمون بقيادة سيف الدين قطز في معركة «عين جالوت يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان، [سنة 658هـ] فاقتتلوا قتالا عظيما، فكانت النصرة ولله الحمد للإسلام وأهله، فهزمهم المسلمون هزيمة هائلة»([37])

ومما يدل على بعد تطبيق خروج ياجوج وماجوج على الهجوم التتري على البلاد الإسلامية وغيرها عما تدل عليه النصوص؛ أن العلماء الذين عايشوا تلك الأحداث لم يقولوا به، رغم هول تلك الأحداث؛ فهذا ابن الأثير يصف هول ما رأى من تلك الأحداث، ويقول: «ذكر خروج التتر إلى بلاد الإسلام: لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، .. فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين.. ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: هذا فصل([38]) يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى، التي.. عمت الخلائق، وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله تعالى آدم إلى الآن، لم يبتلوا بمثلها؛ لكان صادقاً..، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم، وتفنى الدنيا، إلا يأجوج ومأجوج»([39])؛ وقد نقل هذا الكلام بنصه ابن كثير في تاريخه واستحسنه([40])، والشاهد فيه أن ابن الأثير نفى أن يكون في حوادث الزمان شبيه بحادثة هجوم التتر على المسلمين إلا خروج ياجوج وماجوج؛ مما يدل على أن (خروج ياجوج وماجوج) عنده غير (خروج التتر إلى بلاد الإسلام)، إذ لوجاز عنده هذا التأويل الذي  تكلفه المعاصرون لبادر إلى القول: هذا تأويلُ ما أخبر به الشرع من خروج ياجوج وماجوج في آخر الزمان.

أضف إلى ما ذكر أن ياجوج وماجوج كفار، لا يتصور منهم إيمان؛ لما في الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبِي صلى الله عليه وسلم قال: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ...، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ قَالَ: أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلا، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا»([41])، «فقوله: (فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا) تنبيه على أن ياجوج وماجوج داخلون في هذا الوعيد»([42])، الذي يقول فيه الله لآدم: (أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ أما المغول والتتر فقد أسلم كثير منهم، كما هو معروف في التاريخ، وباعتراف الشيخ المراغي، وهو ممن قال بأن ياجوج وماجوج هم التتر؛ جاء في تفسيره: «وقد كوّن أولئك التتار أغلب المسلمين فى الهند والصّين وأغلب آسيا، فهم كما ورثوا بلادهم ورثوا دينهم»([43]).

الاتجاه الثالث

تأويل خروج ياجوج وماجوج بقدوم الصهاينة إلى الأرض المقدسة، واحتلالهم إياها بعد إعمال المذابح في أهلها، وتشريد ما بقي منهم؛ وقد ذهب إلى هذا محمد أمير يكن؛ معتمدا على بعض ما جاء في العهد القديم بشأن ياجوج وماجوج؛ خاصة ما ورد «في نبوءة حزقيال (38 و 39)، أن فلسطين سوف تتعرض لهجوم مسلح بقيادة ياجوج وماجوج، ومن قبائل أقاصي الشمال، ويتزعمهم جومر الذي يتفرع منه أشكناز، وآل توجرمة، وهم قبائل الخزر التي دخلت في اليهودية في القرن السابع الميلادي...، وأنهم سيهاجمون إسرائيل...، وكلمة بنو إسرائيل كانت تطلق.. على الشعب المؤمن بالله...، أما اليهود الغازون اليوم لفلسطين فليسوا تاريخيا وعرقيا من بني إسرائيل، وهم الذين عبر عنهم حزقيال بياجوج وماجوج...، وتذكر النبوءة أن ياجوج وماجوج سيأتون فلسطين من زوايا الأرض الأربع...، ولم يحدث... أن جاء إلى فلسطين محاربون من جهات الأرض الأربعة في وقت واحد إلا في هذه الهجرة الأخيرة»([44]).

 ووافق يكن على هذا محمد إبراهيم هلال، ووضع لتقرير ذلك كتاب (ياجوج وماجوج:  الخزر.. إسرائيل)، وكذلك فعل فهد سالم في كتابه (كشف السر التاريخي: يهود اليوم هم يأجوج ومأجوج، واقتراب الوعد الحق).

ويرِدُ على هذا الاتجاه ما ورد على سابقه من الاعتراضات من أن خروج ياجوج وماجوج سيكون بعد ظهور الدجال ونزول عيسى، ولم يحدث بعد شيء من ذلك، وأنهم سيشربون ماء بحيرة طبرية، وما شربها الصهاينة المحتلين أرض فلسطين...إلخ، أضف إلى ذلك أن الاستناد إلى ما في كتب أهل الكتاب لتقرير مذهب أو رأي، إقرار بصحتها، وتصديق لأهلها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ»([45]).

 

الاتجاه الرابع

 القول بإمكان أن يكون ياجوج وماجوج موجودين في مكان ما في الأرض، ولكن الله صرف أبصار الناس عنهم؛ فعدم ظهورهم للناس لا يدل على عدم وجودهم.

وبهذا أجاب محمد الأمين الشنقيطي من يتساءل عن حقيقة وجودهم؛ جاء في أضواء البيان: «فقولكم: لو كانوا موجودين وراء السد إلى الآن لاطلع عليهم الناس غير صحيح؛ لإمكان أن يكونوا موجودين والله يخفي مكانهم على عامة الناس حتى يأتي الوقت المحدد لإخراجهم على الناس»([46]).

وبهذا النحو أيضا أجاب الشيخ حمود التويجري؛ فقال: «أما كون السائحين في الأرض لم يروا ياجوج وماجوج، ولا سد ذي القرنين، فلا يلزم منه عدم السد وياجوج وماجوج؛ فقد يصرف الله السائحين عن رؤيتهم ورؤية السد، وقد يجعل الله بينهم وبين الناس بحرا لا يطاق اجتيازه، أو غير ذلك من الموانع»([47]).

ويناكد هذا القولَ أن دلالة النصوص الواردة بهذا الشأن «ظاهرة ظهوراً لا ريب فيه أن يأجوج ومأجوج من الآدميين، وأنهم ليسوا عالماً غيبياً، كالجن والملائكة، لا يشاهدهم الناس، بل هم ظاهرون، محسوسون، مشاهدون»([48])، إذ لو كانوا من عالم الغيب المصروف إدراكه عن الناس، لوجب أن تطرد غيبيتهم في كل الأزمنة، ولما صح أن يراهم من شكا ظلمهم وإفسادهم إلى ذي القرنين؛ إذ (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ).

 

الاتجاه الخامس

 أن ياجوج وماجوج هم الأمم الكافرة الحالية؛ كالروس، والصين واليابان، وأروبا...؛ وهذا القول قال به جملة من المشتغلين بعلم الحديث من شيوخ العصر الحديث.

وممن قال به، محمد راغب الطباخ؛ فقد قال في كتابه (ذو  القرنين  وسد  الصين): «أمة اليابان ... من جملة سكان الشرق الأقصى الذين نعتبرهم كلهم ياجوج وماجوج؛ لأنهم جميعهم من نسل يافث بن نوح ومن عنصر واحد»([49]).

 وادعى أيضا في هذا الكتاب كما هو واضح من عنوانه أن سور الصين العظيم هو المقصود بسد ذي القرنين؛ وقد بناه ذو القرنين لصد غارات ياجوج وماجوج عن القبائل الصينية؛ جاء في الكتاب: «الفصل الخامس في بناء ذي القرنين لسد الصين»([50])، وأثناء تقريره لما جاء في هذا العنوان أورد قول إسماعيل علي: إن الصينيين لايهتمون بالصناعات الكبيرة؛ «وغاية ما يقال له عظيم من صناعتهم، السور الهائل الذي أحاطوا به جزءا من مملكتهم»([51]) المفيد أن الصينيين هم الذين بنوا السور العظيم، وقال: «وهذا لا ينافي أنه من آثار ذي القرنين؛ لأن البنائين إنما هم صينيون»([52]).

وممن نحا هذا المنحى أيضا عبد العزيز بن خلف آل خلف في كتابه (دليل المستفيد على كل مستحدث جديد)؛ حيث جاء فيه أن «ياجوج وماجوج قد تفرقوا في الأرض، وصاروا دولا في آسيا وأروبا وأمريكا»([53]).

وحكى هذا الرأي الشيخ السعدي عن بعض المفكرين؛ كشكيب أرسلان؛ وسيأتي. 

وتبناه أيضا أنور الكشميري، ليسلم له قوله السابق: إنهم التتر خرجوا في الماضي، وسيخرجون في المستقبل؛ بين يدي الساعة؛ حيث ذكر في فيض الباري أن «للبريطانية [أي أهل بريطانيا] إقرارا بأنهم من ذرية ماجوج، وكذا ألمانيا أيضا منهم، وأما الروس فهم من ذرية ياجوج ... والمراد من الخروج: حملتهم، وفسادهم، وذلك كائن لا محالة في زمانه الموعود»([54]).

وأشهر من ناصر هذا الرأي الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في (رسالته في ياجوج وماجوج) التي خصصها لذلك؛ فقد جاء فيها: «يأجوج ومأجوج هم هؤلاء الأمم؛ الروس والصين، وأمريكا، والإفرنج، ومن تبعهم»([55])؛ واستدل لهذا بعشرة أدلة بسطها في رسالته المذكورة؛ وأبرزها:

1- «ما ثبت .. في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ذات يوم: «ويل للعرب من شرٍ قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلَّق بين الإبهام والتي تليها»([56])؛ فهذا دليلٌ صريح صحيح أنه من ذلك اليوم الذي تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم قد وجد بعض الأسباب الداعية لخروجهم، وأنه لا يزال السبب يقوى وقتاً بعد وقت، وسواء كان المعنى أنه مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم يقصد به تقريب الحقيقة إلى الأذهان، وأنهم قد ابتدأوا في السعي إلى الخروج والاندفاع في الأرض، أو أن ردم يأجوج ومأجوج انفتح منه ذلك الوقت هذا المقدار، وأنه لا يزال في زيادة حتى زال واندك...؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم توعد العرب بالشر القريب الذي يقع بهم من يأجوج ومأجوج، فمن عرف حالة العرب والإسلام، وكيف توسع الفتح الإسلامي في المشارق والمغارب، وكيف حصل للعرب من العز بالإسلام وانتشاره ما لا يعرف لغيرهم...، ثم كيف تقلص الإسلام، وزال عز العرب عن تلك الممالك الإسلامية، وكيف وقعت بهم تلك الدواهي العظام، والشرور الجسام، شيئاً فشيئاً، حتى وقعت داهية التتر العظيمة، الذين هم من عنصر يأجوج ومأجوج، ومن نفس ديارهم...، فهذه الشرور التي أشرنا لها... من أين أصابت المسلمين عامة، والعرب منهم خاصة، إلا ممن أخبر الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى بوقوعها منهم، وهم يأجوج ومأجوج؟ ولهذا كان بعض العلماء المتأخرين العارفين بأحوال الأمم، كالأمير شكيب أرسلان، وغيره، يرون أن يأجوج ومأجوج هم دول السوفييت، أو بعضهم، ولا ريب أنهم منهم، بل هم مبتدأهم»([57]).

2- أن القول بغير هذا الرأي «يطرِّق الكافرين والمعاندين إلى القدح في الشارع، ويقولون: كيف يخبر عن أممٍ على وجه الأرض، أكثر من الموجودين في القارات الست وتوابعها؟! فأين هم؟! وأين ديارهم؟! والأرض كلها مكشوفة، وقد اكتشفها الناس قطراً قطراً. ولم يبق محلٌ من الأرض إلا وصل إليه علم الناس، إلا جهة قليلة جداً تحت مدار القطبين، وقد غمرتها الثلوج، لا يمكن أن يعيش فيها آدمي، ولا حيوان، ولا نبات، لشدة بردها، وعدم وصول الشمس إليها، وهي رقعة صغيرة جداً بالنسبة إلى الأرض المكتشفة»([58]).

هذا وقد جر هذا القول على الشيخ السعدي كثير من النقد والإنكار والاستهجان، وتصدى للرد عليه غير واحد من العلماء النجديين، واعترضوا على قوله هذا من عدة أوجه؛ لخصها عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد،في كتابه الذي وضعه لإبراز جهود الشيخ السعدي في توضيح العقيدة، في سبعة أوجه

«أحدها: أنه مخالف لما ثبت في النصوص من أن خروج يأجوج ومأجوج لا يكون إلا بعد نزول عيسى عليه السلام وقتل الدجال.

والثاني: أنه ثبت في النصوص أنهم لا يمكثون بعد خروجهم إلا فترة يسيرة من الزمان، وأمم الكفر موجودون على هذه الحالة من أزمان طويلة.

والثالث: أنه ثبت في القرآن والسنة أن السد الذي هم منحازون وراءه لا يندك إلا إذا دنا قيام الساعة.                                                                   

 الرابع: أن هذا القول يخالف ما أخبر الله به عن ذي القرنين أنه جعل بين الناس وبين يأجوج ومأجوج سدا كبيرا من حديد وأنهم لا يتسطيعون نقبه إلا عند اقتراب الساعة.

الخامس: أنه ثبت في النصوص أنه إذا خرجت إحدى الآيات العظام، تتابعت على إثرها باقي الآيات كما يتتابع الخرز في النظام، وأمم الكفر لهم أمد طويلة على هذه الحال، ومع ذلك لم يخرج شيء من الآيات العظام.

السادس: أن أمم الكفر على اختلاف أجناسهم وأوطانهم كانوا موجودين في جميع الجهات في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم، وقبل زمانه وبعد زمانه، ولم يؤثر عنه أنه قال إنهم هم يأجوج ومأجوج، ولم يؤثر ذلك عن أحد من الصحابة والتابعين ولا من جاء بعدهم من العلماء المتقدمين.

السابع: أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يأجوج ومأجوج إذا خرجوا يمر أولهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، وأمم الكفر المياه عندهم متوفرة فضلا عن أن يشربوا بحيرة طبرية»([59]).

 

الاتجاه السادس

 القول بأن ياجوج وماجوج في كوكب آخر غير الأرض، وأن رحلة ذي القرنين كانت فضائية، لا أرضية، وأن السد الذي بناه، حجزهم به في كوكبهم، وقطع به طريقهم إلى الكواكب الأخرى (!!!).

وقد سلك هذا المسلك العجيب في التأويل باحث شيعي يدعى سُبيط النيلي في كتابه (الطور المهدوي)؛ منطلقا من أن قصة ذي القرنين «استخدمت [فيها] لغة قرآنية بخلاف القصص القرآني، و [من] ورود ذكر اسم أقوام مجهولين عندنا هم (يأجوج ومأجوج)، إذ لا يوجد على الأرض قوم آذانهم طويلة تستخدم عندهم فرشاً وغطاءً([60])، وبمقدورهم شرب ماء بحيرة طبرية عن آخره، كما ورد في الحديث، كما لا يوجد قوم على الأرض لا ستر لهم من الشمس، ولا يوجد سور في الأرض يشبه سد ذي القرنين؛ مما يدل على أن أي تفسير يحاول فك رموزها على نطاق الأرض سيكون فاشلاً»([61]).

وبعد أن بسط نظريته انتقل للاستدلال عليها؛ وذكر أن «الدلائل على أن هؤلاء في كوكب آخر، وإن رحلة ذي القرنين كانت في الفضاء.. كثيرة جداً؛ ومن أهمها:

1- الأسلوب القرآني نفسه؛ فلم يذكر القرآن سفراً أو رحلة بمثل هذه العبارة: (ثُمَّ اتَّبَعَ سَبَبًا).. فهذه العبارة بمفردها تدل على السفر في الفضاء، ذلك لأنها في القرآن لم تستخدم إلا في هذا المعنى فقط..

2- أن قصة ذي القرنين «تبدأ على هذا النحو (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا)([62]). فالسفر في الفضاء «شيء»، وقد آتاه الله من كل شيء سببا، فليكن السفر الفضائي من جملة ما آتاه»([63]).

ثم ذكر أن ذا القرنين في رحلته الأولى «تحرك باتجاه الشمس لحظة غروبها؛ إذن فهو متجه نحو مدار الزهرة (!!!) ... (فوجد عندها)؛ عند العين أي الكرة الأرضية لا عند الشمس... ثم انطلق.. باتجاه مطلع الشمس... إلى الكوكب الداخلي الآخر، (عطارد)؛ فلماذا اتجه نحو مطلع الشمس؟ الجواب أنه لو تحرك باتجاه مغرب الشمس لعاد إلى الأرض، وهو لا يريد ذلك، إنه يريد الانطلاق إلى عطارد (!!!)»([64]).

أما المرحلة الثالثة، التي قال الله فيها: (ثُمَّ اتَّبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السُّدَّيْنِ)؛ فقد زعم باحثنا أن معناها: أن ذا القرنين سار «نحو الكواكب الداخلية، والمشرق والمغرب أمر يخص الكرات الأرضية، وهو لا علاقة له بذلك؛ ولذا لم يذكر القرآن هذه المرة المغرب والمطلع؛ لأنه حدد لنا اتجاهه بنقطتين يمكن رسم مستقيم بينهما؛ فلا ضرورة للكلام الزائد»([65]).

 ثم فسر بتكلف واضح، وبنحو غير مفهوم بناء السد ومنع ياجوج وماجوج من الهجوم على كوكب أولئك المستضعفين.

ولقد تبنى هذه الأطروحة كذلك باحث آخر يدعى عبد الستار الحاج أسمير الرحبو، مدعيا «أن ذا القرنين غزا الفضاء، وأن السدين بين الأرض والسماء، وأن هناك فتحة أو ممرا بين السدين، كان يعد في السابق مسلكا  لغزاة من كواكب أخرى؛ هم أمم ياجوج وماجوج، وأن ذا القرنين بنى جهازا للتشويش، أو الانعكاس (!!!)، أو أي شيء آخر استطاع به ردم هذه الفتحة، ومنع ياجوج وماجوج من الاستدلال على الشمس، ومن ثم على الأرض، وأن هذا الردم موجود الآن في مكان ما في الفضاء، وأن وعد الله قائم بجعل هذا الردم دكاء، فتغزو أمم ياجوج وماجوج الأرض من جديد»([66]) .

ثم جاء بأمور اعتبرها أدلة لإثبات هذه الفرضية، فلم تزدها إلا وهنا وغرابة، وهي أمور لا تفيد قارئها سوى أن تثير لديه سخرية بكاتبها؛ فلا تستحق أن أطيل بإيرادها، ولكن أكتفي بإيراد واحد منها لتقف منه على مبلغ سخفها؛ وضع عنوان (حدب وشاخصة)، وقال تحته: «ونلاحظ في سورة الأنبياء [أي في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)] أيضا كلمتين تدعمان الفرضية الموضوعة؛ وهما: (حدب) و(شاخصة)؛ فالحدب هو كل ما ارتفع من الأرض باتفاق التفاسير؛ أي أن هبوط ياجوج وماجوج من الأعلى .. والأمر الثاني كلمة (شاخصة)، وهذه الكلمة تعني بصورة قاطعة النظر إلى السماء»([67])؛ ولسنا ندري من أين جاء بأن (الشخوص) لا يكون إلا إلى السماء، جاء في "مختار الصحاح" للرازي، مادة (شخص): «شَخَصَ بصره .. فهو شَاخِصٌ: إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف»؛ فهذا معنى (الشخوص) وكفى، أيا كانت الجهة التي ينظر إليها.

ويرد على هذا الرأي أن ذا القرنين إنما مكن له في الأرض (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ)([68]) لا في الفضاء، ثم (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ)، لا في غيرها من الكواكب؛ إضافة إلى ما علقه البخاري بصيغة الجزم في صحيحه: أن «رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: رَأَيْتُ السَّدَّ مِثْلَ الْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ، قَالَ: رَأَيْتَهُ»([69])، ولا يمكن أن يرى السد إلا في الأرض.

 

الاتجاه السابع

 القول بأن ياجوج وماجوج في باطن الأرض.

وبسط هذا القول: أن ياجوج وماجوج يعيشون في أرض جوفية ذات فواهة واقعة بين جبلين؛ على شاكلة بوابات الكهوف، وهي منفذها إلى أرض الناس هذه؛ وكانوا يخرجون منها للإفساد في الأرض، إلى أتى عليهم ذو القرنين، فأحكم سدها بالردم، وحجزهم دونها، فهم في أرضهم إلى أن ياتي وعد الله.          

 وصحة هذا الرأي متوقفة على ثبوت ما يسمى نظرية الأرض الجوفاء، أو الأرض المقعرة: (Th hollow Earth)؛ وهي نظرية علمية نادى بها كثير من العلماء الغربيين؛ أمثال العالم الرياضي والفلكي البريطاني (إدموند هالي) مكتشف "كوكب هالي"، وعالم الفيزياء السويسري (ليونهارد أولر)، والعالم الفيزيائي الاسكتلاندي (جون ليزي)، «وغيرهم، جميعهم أجمعوا على نظرية تقول بأن الكرة الأرضية مفرغة من الداخل»([70]).

وقد كتب غير واحد عن هذه النظرية؛ مثل الكاتب (ويليام ريد) الذي أصدر كتابا في عام 1906م، بعنوان  (شبح القطبين)؛ و كتب فيه قائلاً : «أنا قادر على إثبات نظريّتي القائلة بأنّ الأرض ليست جوفاء فحسب، بل هي أيضاً تحتوي على مكان مناسب لعيش البشر في داخله»([71]).

وفي بعض نصوص القرآن والحديث ما قد يؤصل لهذه النظرية كقوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ)([72])؛ فقد أخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق أبي رزين قال : «سألت ابن عباس: هل تحت الأرض خلق؟ قال: نعم، ألا ترى إلى قوله: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ)»([73]).

وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، عن قتادة في قوله: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ). قال: «في كل سماء وفي كل أرض خلق من خلقه، وأمر من أمره، وقضاء من قضائه»([74]).

وكذلك قول النبي اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ في دعائه: «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينَ وَمَا أَضْلَلْنَ، أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا»([75]).

ففي قوله: «وَرَبَّ الأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ» دلالة على أن الأراضين السفلى تُقِلُّ أيضا خلائق؛ أي تحملها، كما تقلها الأرض التي نحن عليها.

فإن صحت هذه النظرية، فلربما ساعدت على فك لغز مكان وجود يأجوج ومأجوج، ومما يعزز هذا الاتجاه:

1-  ما تقدم في الحديث من قوله اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ: «إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَيَحْفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ..»؛ فهو يدل دلالة واضحة على أن ياجوج وماجوج في مكان لا تصله أشعة الشمس، وما ذلك إلا باطن الأرض.

2-  لأن في القول به رفعا للإشكال المذكور دون مصادمة مع أي نص من النصوص القطعية الواردة في هذا الشأن؛ أما قوله تعالى عن الردم: (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ)، فلا دليل فيه على أن الردم جدار رأسي، يمكن أن يتسلقوه لو استطاعوا ويخرجوا منه دون ثقب، لذلك جاء في الحديث كما سلف أنهم يحاولون ثقبه، ولم يذكر أنهم يحاولون تسلقه، لاستحالته؛ لأن الأرض الجوفاء التي يحتمل أن بها ياجوج وماجوج، لها منفذ يخرجون منه للإفساد في الأرض العلوية كما تقدم، فردم ذو القرنين ذلك المنفذ؛ أي أغلقه من كل جهة بزبر الحديد الممزوج بالنحاس المداب؛ فلم يستطيعوا أن يظهروه؛ لانه لا رأس له.

3- أن كل الاتجاهات الست السابقة –غير الأول- لم تسلم من مخالفة ما في النصوص القطعية الواردة في شأن ياجوج وماجوج كما رأينا؛ أما الاتجاه الأول، فمعارض بما ذكر عقبه من أن الأرض قد اكتشفت الآن عن آخرها.

ومنخول الكلام في هذا أن يقال: إن شأن ياجوج وماجوج أمر غيبي نسلم بوجودهم، وبخروجهم بين يدي الساعة، ولا نجزم بمحل وجودهم؛ شأنهم في ذلك كشأن الدجال ودابة الأرض، والعلم عند الله.  

 

 



[1]  سورة الكهف: 92-97.

[2]  سورة الكهف: 98-99.

[3]  سورة الأنبياء: 96-97.

[4]  أخرجه أحمد في مسنده، رقم (10640)، والترمذي في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الكهف، رقم (3153)، وأخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب: فتنة الدجال وخروج عيسى بن مريم وخروج ياجوج وماجوج، رقم (4080)، وابن حبان في صحيحه، رقم (6829)، والحاكم في المستدرك، رقم (8501)، وقال : «صحيح على شرط الشيخين». وكذا قال شعيب الأرنؤوط في تحقيق مسند أحمد، وقال ابن كثير فى تفسيره: 3/103: «إسناده جيد قوى، ولكن متنه فى رفعه نكارة، لأن ظاهر الآية يقتضى أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه، لإحكام بنائه وصلابته وشدته»، وأورده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (1735)، وتعقب قول ابن كثير بنكارته لمخالفته ظاهر الآية، بأن «الآية لا تدل من قريب ولا من بعيد [على] أنهم لن يستطيعوا ذلك أبدا، فالآية تتحدث عن الماضي، والحديث عن المستقبل الآتي، فلا تنافي ولا نكارة، بل الحديث يتمشى تماما مع القرآن»؛ وهو كما قال الشيخ الألباني، وإلا لوكان ما ذكر في هذا  الحديث من تمكنهم من ثقب الردم مخالفا لظاهر الآية؛ لكان ذلك قادحا أيضا فيما أسنده البخاري في صحيحه، رقم (3346)، ومسلم في صحيحه، رقم (7164)، عن زينب بنت جحش رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ؛ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا».

[5]  أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في الآيات التي تكون قبل الساعة، رقم (7215).

[6]  (لا يَدَانِ لأحَدٍ بِقِتَالِهِم): «أي لا قدرة ولا طاقة . يقال: ما لي بهذا الأمر يد ولا يدان؛ لأن المباشرة والدفَاع إنما يكون باليد، فكأن يديه معدومتان، لعجزه عن دفعه». النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، مادة (يد).

[7]  في النهاية لابن الأثير، مادة (نغف): «النَّغَف بالتحريك : دُودٌ يكون في أنوف الإبل والغنم واحدتها : نَغَفَة».

[8]  قال النووي في شرح مسلم، مجلد9، جزء18، ص: 272: «الفرسى بفتح الفاء مقصور، أي: قتلى، واحده فريس».

[9]  أخرجه مسلم  في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال  وصفته وما معه، رقم (7299).

[10]  الجواهر في تفسير القرآن، ط. مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، (1346هـ): 9/198.

[11] سد ياجوج وماجوج، فتوى منشورة بمجلة المنار،عدد ربيع.2، 1326هـ/ماي، 1908م، المجلد 11، ص: 274

[12]  نفسه.

[13]  الفصل في الملل والأهواء والنحل: 1/206.

[14] الجواهر في تفسير القرآن: 9/198.

[15]  نفسه، ص: 200.

[16] تفسير المراغي: 16/13-14.

[17] في ظلال القرآن، ط. دار الشروق، القاهرة، الطبعة.17، (1412هـ): 4/2293 .

[18]  نفسه: 4/2294.

[19]  نفسه.

[20]  محمد أنور الكشميري، "فيض الباري على صحيح البخاري"، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة.1، (1426هـ/2005م): 4/353.

[21] محمد عزت دروزة، "التفسير الحديث"، ط. دار إحياء الكتب العربية، القاهرة (1383 هـ): 5/98.

[22]  نفسه.

[23]  وليد الباز، " ذو القرنين شخصية حيرت المفكرين أربعة عشر قرنا و كشف عنها (أبو الكلام أزاد)"، مقال منشور في موقع ملتقى أهل الحديث: http://www.ahlalhdeeth.com.

[24]  مفاهيم جغرافية في القصص القرآني: قصة ذي القرنين ، ط. دار الشروق، جدة، الطبعة.1،  (1401هـ/1981م)، ص: 288-292.

[25] ذو القرنين:القائد الفاتح والحاكم الصالح، ط. دار القلم، دمشق، الدار الشامية، بيروت، الطبعة.2، (1415هـ/1994م) ص: 315.

[26]  ياجوج وماجوج فتنة الماضي والحاضر والمستقبل، ط. دار ابن حزم، بيروت، الطبعة.1، (1416هـ/1996م)، ص: 18-26.

[27]  نفسه، ص: 47-292.

[28]  نفسه، ص: 296.

[29]  نفسه.

[30]  محمد جمال الدين القاسمي، "محاسن التأويل"، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ط. دار إحياء الكتب العربية، الطبعة.1، (1376هـ/1957م): 11/4114.

[31] محمد حسين الطبطبائي، "الميزان في تفسير القرآن"، ط.  مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة.1، (1417هـ/1997م): 13/390.

[32]  نفسه: 13/391.

[33]  نفسه: 13/392.

[34]  حمود التويجري، "إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة"، ط. مطبعة المدينة، الرياض، الطبعة.1، (1396هـ): 2/296.

[35]  محمد أنور الكشميري، "فيض الباري على صحيح البخاري": 13/358

[36]  سورة الكهف: 98-99.

[37] الحافظ ابن كثير، "البداية والنهاية"، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة.2، (1418هـ/1997م): 13/184

[38] في الأصل: (هذا الفعل يتضمن..)، والصواب ما أثبته اعتمادا على ما جاء عند ابن كثير في البداية والنهاية: 13/74، حيث نقل كلام ابن الأثير بحروفه، فقال: «وقد بسط ابن الاثير في كامله خبرهم [أي التتر] في هذه السنة [617هـ] بسطا حسنا مفصلا، وقدم على ذلك كلاما هائلا في تعظيم هذا الخطب العجيب، قال فنقول: هذا فصل يتضمن ذكر الحادثة العظمى.. »

[39]  الكامل في التاريخ، مراجعة وتصحيح محمد يوسف الدقاق، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة.4، (1424هـ/2003) : 10/399.

[40]  البداية والنهاية: 13/74.

[41]  أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قصة ياجوج وماجوج، رقم (3348)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب: قولِه: يقول الله لآدم أخرج بعث النار ..، رقم (531).

[42]  شرف الدين الطيبي، "الكاشف عن حقائق السنن" (شرح الطيبي على مشكاة المصابيح)، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، الطبعة.1، (1417هـ/1997م): 11/3502.

[43]  تفسير المراغي: 16/15.

[44]  يهوذا الإسخريوطي على الصليب، ص: 335-337، نقلا عن حسن مشهور في تحقيقه كتاب "ذو القرنين وسد الصين: من هو؟  وأين  هو؟"؛ لمحمد راغب الطباخ، ط. دار غراس، الكويت، الطبعة.1، (1424 هـ/ 2003 م)، ص: 270.

[45]  رواه البخاري في الاعتصام، باب قول النَبِي صلى الله عليه وسلم: لا تسأَلوا أهل الكتاب عن شيء، رقم (7362).

[46]  أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، ط. دار الفكر، بيروت ( 1415 هـ- 1995 مـ): 3/345.

[47]  إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة: 2/297.

[48]  عبد الرحمن بن ناصر السعدي، "فتنة الدجال ويأجوج ومأجوج"، تحقيق وتعليق، أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان القاضي، ط. دار ابن الجوزي، الطبعة.2، (1427هـ  2006م). ص: 80.

[49] ذو  القرنين  وسد  الصين  من هو؟  وأين  هو؟، ص: 315.

[50] نفسه ، ص: 205.

[51]  النخبة الأزهرية في تخطيط الكرة الأرضية، طبع بمصر سنة (1903م)، ص537.

[52] ذو  القرنين  وسد  الصين، ص: 212.

[53]  التويجري، "إتحاف الجماعة": 2/297.

[54] فيض الباري على صحيح البخاري: 4/354.

[55]  نفسه، ص: 78.

[56]  أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قصة ياجوج وماجوج، رقم (3346)، ومسلم في كتاب الفتن، بَاب: اقتراب الفِتن وفتح ردم يَأجوج ومأجوج، رقم (7164).

[57]  فتنة الدجال ويأجوج ومأجوج، ص: 81-84.

[58]  نفسه، ص: 90.

[59]  عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد، "الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وجهوده في توضيح العقيدة"، ط. مكتبة الرشد،  الرياض، الطبعة.2، (1414هـ/1993)، ص: 255-256.

[60]  جاء في وصف ياجوج وماجوج حديث يقول: «يأجوج أمة، ومأجوج أمة، كل أمة أربع مئة ألف..، قلت: يا رسول الله ! صفهم لنا. قال: هم ثلاثة أصناف: صنف منهم أمثال الأرز .. وصنف منهم يفترش بأذنه، ويلتحف بالأخرى...إلخ»، وهو حديث موضوع؛ ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات"، ضبط وتقديم وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، ط. المكتبة السلفية بالمدينة المنورة، الطبعة.1، (1386 هـ /1966 م): 1/ 206، وقال: «قال ابن عدي: هذا حديث منكر موضوع»،  وأورده الألباني في "السلسلة الضعيفة والموضوعة"، رقم (4143)، وقال: «موضوع».

[61]  الطور الَمهدَوي: دراسة لاكتشاف القوانين الحتمية للتطور البشري ومستقبل الأرض في مرحلة الاستخلاف على ضوء الحل القصدي للغة، نشر وتوزيع مكتبة بلوتو بغداد، (بلا تاريخ)، ص: 25-26.

[62]  سورة الكهف: 84.

[63]  الطور المهدوي، ص: 27.

[64]  نفسه، ص: 27-29.

[65]  نفسه، ص: 30.

[66]  محرقة هرمجدون النووية، وعودة المسيح ضمن وجهة نظر إسلامية، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة.1، (1428هـ/20007م)، ص: 108.

[67]  نفسه، ص: 127-128.

[68]  سورة الكهف: 84.

[69]  صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قصة ياجوج وماجوج.

[70]  علاء الحلبي، "لغز الأرض المجوفة"، ص: 4.

[71]  نفسه، ص: 5.

[72]  سورة الطلاق: 12.

[73]  جلال الدين السيوطي، "الدر المنثور في التفسير بالمأثور"، تحقيق: د.عبد الله التركي، ط. مركز هجر للبحوث والدراسات العربية والإسلامية، القاهرة، الطبعة.1، (1424هـ/2003م): 14/563.

[74]  نفسه.

[75] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، رقم (7299والنَّسائي في "السنن الكبرى"، رقم (8776) ، وفي "عمل اليوم والليلة"، رقم (544)، وابن حزيمة في "صحيحه"، رقم (2565)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 10/193: «رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، غير عطاء بن أبي مروان وأبيه، وكلاهما ثقة»، وأورده الألباني في "السلسلة الصحيحة"، رقم (2759).

تعليقات

التنقل السريع