المهدي المنتظر بين السنة والشيعة
(The Awaited Mahdi between Sunnis and Shiites)
بقلم: د. الحسين بودميع
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث أمته ببعض الأخبار الآتية استجابة لما ركز في الفطر من التطلع إلى المستقبل واستشراف أخباره، وتحذيرا للمؤمنين من قادم الفتن، وتبشيرا لهم بما يحيي جذوة الأمل ويقطع بوادر اليأس والقنوط في نفوسهم؛ ومن البشارات التي بشر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بقدومها: ما صح به الخبر عنه من ظهور رجل صالح من آل البيت، يلقب بالمهدي ويدعى محمدا؛ يجدد الدين ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا؛ فيغزو بعض البلدان بمن اتبعه من المسلمين، حتى يفتحها، ويقاتل من ناوأه، وينتهي به الأمر إلى فلسطين، فينزل عيسى، عليه السلام ويصلي خلفه، ثم يقتل بمعيته الدجال.
وهذا القدر حول المهدي محل اتفاق بين أهل السنة والشيعة الإمامية، أما عن طبيعة شخصه، واسم أبيه، ووقت وكيفية ولادته، وظهوره، وعمله ونحلته التي ينتحلها ويدعو إليها بعد خروجه، ومكانته، ورتبة الإيمان به بين قضايا الإيمان..؛ ففي كل ذلك خلاف جوهري بين الفريقين، تتبدى معالمه فيما يلي:
أولا: المهدي عند أهل السنة
المهدي المنتظر عند أهل السنة رجل صالح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن ذرية ابنته فاطمة عليها السلام، ويكون اسمه (محمد بن عبد الله)، أنبأ النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه أنه يظهر في آخر الزمان، فيصلح الله على يديه حال الأمة؛ فهو مصلح مجدد من جملة المصلحين المجددين؛ يدعو الناس إلى الخير، ويرجع بهم إلى ما كان عليه سلف الأمة من العمل بكتاب الله وسنة رسوله، ويقيم فيهم العدل، وسيولد في آخر الزمان كما يولد سائر الناس، ويصلحه الله في زمان يسير، ليس معه معجزات ولا خوارق، وليس له علامة يتميز بها من دون الناس، وليس في صحيح السنة ما يدل على أنه سيدعي أنه المهدي، بل كل حاكم صالح يظهر في آخر الزمان وينشر العدل ويحمل اسم (محمد ابن عبد الله)، ويصح انتسابه إلى آل البيت، يجوز تأويل أحاديث المهدي فيه، وليس في الحديث ما يفيد أنه سيتسمى باسم (المهدي)، بل الذي يظهر أن وصفه في بعض الأحاديث بوصف (المهدي) مراد به معناه اللغوي؛ أي أن الله سيصلحه ويهديه، وسوف يحكم سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين، تتوج بنزول عيسى عليه السلام، وقتل المسيح
الدجال، وهزيمة أتباعه من اليهود، وسيكون عهده عهد عدل وخير وبركة؛ ينثر المال على الناس ولا يعده.
ولا يدرى من أي البلاد سيخرج، إذ لم يصح في ذلك شيء، ولا تحفلن بما تجده في تذكرة القرطبي من أنه «يخرج.. من المغرب الأقصى»([1])؛ فإن ذلك لا أصل له في شيء من مصادر السنة، كما تبين بالبحث بواسطة الحاسب الآلي في الموسوعات الحديثية الرقمية، ولعله مما وضعه المتزلفون من تجار الدين تقربا من المهدي بن تومرت وترويجا لأمره.
والإيمان بالمهدي عند أهل السنة ليس من أصول الدين وأركان الإيمان الكبرى، ولكنه فرع من فروعه؛ ومنكره لا يُكَفَّر، ما لم يحصل عنده يقين بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم به؛ فيكون إنكاره آنئذ تكذيبا للرسول صلى الله عليه وسلم؛ فلهذا لم تتفق كلمتهم على إثباته، بل منهم من يثبته ومنهم من تردد في شأنه ومنهم من ينكره.
وعامة أهل السنة في القديم والحديث يثبتون أمر ظهور المهدي في آخر الزمان، لثبوت الخبر عندهم بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بل قد صرح غير واحد من أهل الحديث بتواتر أحاديثه تواترا معنويا؛ وممن جزم منهم بذلك:
* الحافظ أبو الحسن الأبري السجستاني، في قوله: «وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) بذكر المهدي»([2]).
* محمد بن أحمد السفاريني؛ فقد قال: «قد كثرت الأقوال في المهدي، حتى قيل: لا مهدي إلا عيسى، والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم»([3]) .
* الشوكاني القائل في رسالته (التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح): «الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً؛ فيها الصحيح، والحسن، والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف المتواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول»([4]).
* الشيخ صديق حسن القنوجي؛ في قوله: «والأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياتها كثيرة جداً، تبلغ حد التواتر»([5]).
* محمد بن جعفر الكتاني؛ إذ قرر: «أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، وكذا الواردة في الدجال وفي نزول عيسى بن مريم عليهما السلام»([6]) .
* أحمد بن الصديق الغماري، وذلك في قوله: «وإن من أعلامها [أي الساعة] الصريحة، وأشراطها الثابتة الصحيحة: ظهور الخليفة الأكبر ..محمد بن عبد الله المنتظر؛ فقد تواترت بكون ظهوره من أعلام الساعة وأشراطها الأخبار»([7]).
* الشيخ محمد زاهد الكوثري؛ حين قال: «وأما تواتر أحاديث المهدي والدجال والمسيح، فليس بموضع ريبة عند أهل العلم بالحديث»([8]).
والأخبار الواردة في المهدي كثيرة، جمع منها الحافظ أبو نعيم الأصفهاني رحمه الله أربعين دون قصد لتقصيها في كتابه: (الأربعون حديثا في المهدي)، وذكر الشوكاني كما في نص كلامه السابق أن ما أمكن الوقوف عليه من أحاديثه خمسون حديثاً، وتجاوز بها الحافظ السيوطي في كتابه (العرف الوردي في أخبار المهدي)، المئتين (200)، وقد أنجز الشيخ عبد العليم البستوي في بحثه الأكاديمي الذي نال به درجة الماجستير دراسة حديثية نقدية لأحاديث المهدي في جزأين باسم (الأحاديث الواردة في المهدي في ميزان الجرح والتعديل)، اجتمع له فيه بعد البحث والتقصي (338) حديثا ما بين مرفوع وموقوف ومقطوع.
وانتهى بعد دراستها أسانيد ومتونا في ضوء قواعد علم الحديث إلى أن الثابت منها (46) حديثا، منها (30) حديثاً مرفوعا، وهي على نوعين؛ نوع صريح في ذكر المهدي وهي (8) أحاديث، ونوع يتنبأ بظهور رجل من آل البيت أو خليفة عادل في آخر الزمان دون تصريح بذكر المهدي، وعدد هذا النوع (22) حديثا، والباقي آثرٌ، وهي (16) أثرا، ما بين موقوف ومقطوع([9]).
هذا مع ملاحظة أن المعتبر عنده - كما عند المحدثين- في عد الأحاديث الأسانيد لا المتون؛ بحيث إذا ورد المتن الواحد من طريق صحابيين مثلا عده حديثين لا واحدا.
وما عدا ذلك مما اجتمع له من أحاديث المهدي وهو (292) حديثا، فهو ضعيف أو موضوع([10])؛ وقد أفرد لها الجزء الثاني من الدراسة، وسماه (الموسوعة في أحاديث المهدي الضعيفة والموضوعة).
وندرة الصحيح فيما نقل من أخبار المهدي مع وفرة أحاديثه، يرجع في تقديري إلى عناية الطائفة الشيعية بشأنه؛ إذ هو الأساس والمحور الذي تدور في فلكه أركان ملتهم - وهي عند النقاد أجرأ الطوائف على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم -، مما دعاها إلى وضع ونشر أحاديث كثيرة تتعلق بظهوره، إضافة إلى دواعي أخرى تتصل بالدعاية السياسية لأدعياء المهدوية، وبالنشاط الوعظي للقصاص الذين لا يتورعون عن وضع الأحاديث الغريبة، واستثمار القضايا المثيرة للفضول، والمتناغمة مع انتظارات وأحلام العاجزين من الدهماء؛ كقضية المهدي، للتأثير في العوام واستمالتهم؛ لأغراض منها التكسب ونيل الحظوة لدى الجمهور.
ومما صح من الحديث في شأن المهدي:
1- حديث أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ خَلِيفَةٌ يَقْسِمُ الْمَالَ وَلا يَعُدُّه»([11]).
والخليفة المبهم في هذه الرواية عند مسلم عينته رواية الترمذي وسمته المهدي، وسيأتي تقرير ذلك.
2- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلا مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، يَمْلأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا»([12]) .
وفي رواية: «لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا أَوْ قَالَ لا تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي»([13]).
3- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللَّهُ الْغَيْثَ، تُخْرِجُ الأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطَى الْمَالُ صِحَاحًا، تَنْعَمُ الأُمَّةُ، وَتكْثُرُ الْمَاشِيَةُ، وَيَعِيشُ سَبْعَ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ»([14]) .
4- حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: «الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ»([15])
5- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «الْمَهْدِىُّ مِنِّى أَجْلَى الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الأَنْفِ؛ يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ»([16])
6- حديث أبي سعيد رضي الله عنه أيضا؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ»([17]).
7- حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَنْزِلُ عِيسَى بنُ مَرْيم، فَيقُولُ أَميرُهُم المْهْدِيُّ: تَعالَ صَلِّ بِنا، فَيَقولُ: لا؛ إِنَّ بَعْضَكُم أَميرُ بَعْضٍ تَكْرٍمَةَ اللهِ لهَذِه الأُمَّةِ»([18]) .
8- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مِنَّا الذِي يُصَلِّي عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ»([19]).
ثانيا: المهدي عند الشيعة الاثني عشرية
المهدي المنتظر في عقيدة الشيعة الاثني عشرية هو الإمام الثاني عشر من أئمتهم الذين يعتقدون عصمتهم، وهو محمد بن الحسن العسكري، ولد على زعمهم في منتصف القرن الثالث الهجري، ويعتقدون أنه بعد أيام من ولادته غاب عن الأبصار، ولم يره أحد من غير خاصة شيعته إلى الآن، وهم منذ ذاك الحين ينتظرون خروجه ليقيم "دولة العدل"، ويحكم العالم بـ"مذهب الحق"، وهو مذهبهم زعموا، والإيمان به على هذا النحو أصل عظيم من أصول الإيمان عندهم؛ ومنكر ولادته وغيبته وظهوره في آخر الزمان كافر عندهم خارج عن ملة الإسلام، ولو كان من الشيعة؛ لما رواه ابن بابويه القمي عن ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله [الصادق] عليه السلام: «من أقر بالأئمة من آبائي وولدي، وجحد المهدي من ولدي، كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمدا صلى الله عليه وسلم »([20]).
ويعتقدون أنه إذا خرج سيبايع عند الكعبة، وسوف يحمل السيف على أعداء آل البيت وشيعتهم؛ من "النواصب"([21]) وغيرهم، حتى إنه يقدم المدينة بعد بيعته بمكة، فيخرج أبا بكر وعمر من قبريهما غضين طريين، ويحييهما ثم يصلبهما، ثم يأمر بنار تخرج من الأرض فتحرقهما، ويأمر بريح فتهب وتنسفهما في اليم نسفا (!!!)، ويعتقدون أنه سيحكم العالم كله شرقا وغربا بكتاب غير القرآن، إذ سوف «يكون أول من يضرب على يده ويبايعه جبرائيل وميكائيل، ويقوم معهما رسول الله وأمير المؤمنين [علي] فيدفعان إليه كتابا جديدا هو على العرب شديد..، فيقولون له: اعمل بما فيه»([22]).
وأبوه هو الحسن بن علي العسكري؛ الإمام الحادي عشر من أئمتهم، وأمه –كما يحكون في كتبهم- جارية نصرانية رومية اسمها (نرجس)، أو (مليكة) بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمها من ولد الحواريين تنسب إلى "وصي المسيح" شمعون([23])، أسرت في حرب بين المسلمين والروم، واشتراها بشر بن سليمان النخاس بتوكيل من أبي الحسن علي بن محمد العسكري([24]) (جد مهديهم)، وكان قد تم تزويجها قبل ذلك من الحسن بن علي بن محمد العسكري (أبو المهدي) بعد أن خطبها له النبي صلى الله عليه وسلم من السيد المسيح عليه السلام (!!) في محفل عجيب؛ وقد حكت –كما تقول الأسطورة- للذي اشتراها إذ هما في الطريق إلى بغداد قصة تزويجها ؛ قالت: «وأُريت في تلك الليلة [الليلة التي عزم فيها القيصر على تزويجها من أحد أقاربه، فظهر لهم من الخوارق ما فهموا معه خطأ عزمهم] كأن المسيح وشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي، ونصبوا فيه منبرا من نور ... ودخل عليه محمد صلى الله عليه وسلم وختنه([25]) ووصيه (ع) وعدة من أبنائه، فتقدم المسيح إليه فاعتنقه، فيقول له محمد: يا روح الله! إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، وأومأ بيده إلى أبي محمد (ع) ... فنظر المسيح إلى شمعون وقال له: قد أتاك الشرف؛ فصل رحمك برحم آل محمد (عليهم السلام)، قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر، فخطب محمد (ص)، وزوجني من ابنه، وشهد المسيح (ع) وشهد أبناء محمد (عليهم السلام) والحواريون»([26])، وبعد الزواج أَسلمَتْ –تواصل الأسطورة- على يد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومريم بنت عمران([27])(!!)، ولما قدمَتْ على أبي الحسن العسكري، قال لها: «إني أحب أن أكرمك؛ فأيما أحب إليك؛ عشرة آلاف دينار أم بشرى لك بشرف الأبد؟ قالت: بشرى بولدٍ لي، قال لها: أبشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا، ويملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا»([28]).
فأهديت عروسا لأبي محمد الحسن بن علي العسكري، ثم حملت منه بالطفل العجيب (محمد بن الحسن العسكري)، ويزعمون أنه حين حملت به لم يظهر عليها آثار الحمل([29])، ولم تشعر حين ولادته بوجع الولادة كما حدث لأم موسى([30])، وكلم القابلة؛ (حكيمة بنت محمد بن علي الجواد) بالسلام، وسمعته يقرأ القرآن وهو جنين في بطن أمه([31])، ولما خرج من بطن أمه خر «ساجدا على وجهه، جاثيا على ركبتيه، رافعا سبابته نحو السماء وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، [و] أن أبي أمير المؤمنين، ثم عد إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه فقال (ع): اللهم أنجز لي وعدي وأتمم لي أمري، وثبت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلا وقسطا»([32]) .
وكانت ولادته المزعومة في ليلة النصف من شعبان سنة 255هـ في سر من رأى([33]).
ولهم أقاويل أخرى مختلفة في تاريخ ولادته، وهذا أشهرها عندهم؛ وبعد ولادته بأيام غاب عن الأنظار –كما يعتقدون-، واحتجب عن الأبصار إلى يومنا هذا؛ وما عاد يراه أحد إلا "خاصة شيعته".
ويلقبونه (القائم)، و(المهدي)، و(المنتظر)، و(المنصور)، و(حجة الله)، و(الحجة الغائب)، و(صاحب الزمان)([34]) وأكثر ألقابه ترددا في كتبهم لقب (القائم)، وسبب تلقيبه به كما يحكون: أن الله كشف «عن الأئمة من ولد الحسين (ع) للملائكة، فسرت بذلك، فإذا أحدهم قائم يصلي، فقال الله عز وجل: بذلك القائم أنتقم منهم»([35]).
فكرة الغيبة
أطال مؤلفو الشيعة الإمامية الاثني عشرية الكلام عن غيبة إمامهم الثاني عشر، ووضعوا في ذلك مؤلفات خاصة؛ مثل (كتاب الغيبة) لمحمد بن ابراهيم النعماني (ت بعد 328هـ)، و(كتاب الغيبة)، لأبي محمد الطبري الحسيني (ت 358هـ)، وكتاب (كمال الدين وتمام النعمة)، لأبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي (ت 381هـ)، وهو من أهم مصادرهم في "غيبة المهدي"، ادعى مؤلفه في مقدمته أنه التقى -في المنام- ب"المهدي" عند الكعبة فأمره بتأليف كتاب في الغيبة، فألفه امتثالا «لأمر ولي الله وحجته»([36])، وكتاب (رسائل في الغيبة)؛ لمحمد المفيد البغدادي (ت 413هـ) و(كتاب الغيبة) لأبي جعفر الطوسي (ت 460هـ)، وكتاب (إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب)؛ لعلي اليزدي الحائري(ت 1333هـ)، وكتابي (تاريخ الغيبة الصغرى) و(تاريخ الغيبة الكبرى)، لمحمد صادق الصدر (ت 1999م)...
و(غيبة المهدي) عندهم لا تعني موته، أو رفعه إلى السماء، أو اختفاءه في سرداب سامراء وإقامته فيه على الدوام؛ بل تعني أن الله حجبه عن الأبصار؛ فلا يراه إلا خاصة أصحابه، «فإن شخصه عليه السلام موجود، ولكن الناس لا يشخصونه ولا يعرفونه بشخصه وبهويته؛ ولهذا يقول الإمام الصادق: (يشهد المواسم يرى الناس ولا يرونه، ولا يعلم بمكانه إلا مواليه في دينه)، باعتبار أن غياب الإمام غياب هوية لا غياب شخصية»([37])؛ فهو «موجود بشخصه بين الناس، يدخل مجالسهم ويطأ بسطهم ويمشي في أسواقهم، وهم لا يعرفونه إلى أن يبلغ الكتاب أجله»([38]).
قال السيد المهدي العوادي: «الواقع الذي لا ريب فيه أنه محجوب عن أعين الناس منذ ولادته إلا الخواص من شيعته، وقد اختفى عن أعينهم نهائيا في بيت أبيه الماثل للعيان حتى اليوم في سامراء العراق؛.. وبيته هذا ... يتألف من غرفة للرجال وثانية للنساء، ومن سرداب .. في جوف البيت، مقسم غرفا لمن يسكن البيت؛ يأوي إليه أهله أيام اشتداد الحر، وقد صار الشيعة يقدسون هذا البيت، وذلك السرداب؛ لأن إمامهم كان وما يزال ينزل ويتعبد فيه، لأنه بيته ...ومن الجهل المطبق أن يستمع الإنسان لقول الكذبة بأن غيابه كان في السرداب؛... أين هو في السرداب؟ ومن يدعي ذلك؟ بل هو سائح يحل بقاع الأرض بين الخدم والموالي، ويطوف في أرجائها، فيحضر المناسبات والمواسم الدينية»([39]).
ويستدلون لتفسير "الغيبة" بهذا المعنى بما يروونه عن فضالة بن سدير قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (ع) يقول: «إن في القائم سنة من يوسف، قلت: كأنك تذكر حيرة أو غيبة؟ قال لي: وما تنكر من هذا؟ ... إن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء، تاجروا يوسف وبايعوه .. فلم يعرفوه .. فما تنكر هذه الأمة الملعونة (كذا) .. أن يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف؛ أن يكون يسير في أسواقهم، ويطأ بُسُطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز وجل»([40]).
وتبدأ قصة غيبة "القائم" بعد ولادته بأيام، وفي بعض الروايات بيوم؛ فبعد فراغ قابلته (حكيمة بنت علي الجواد) من توليده انصرفت إلى بيتها ليلا، قالت: «فلما أصبحت جئت لأسلم على أبي محمد عليه السلام، وكشفت الستر لأتفقد سيدي عليه السلام[تقصد الطفل]، فلم أره، فقلت: جعلت فداك ما فعل سيدي؟ فقال: يا عمة استودعناه الذي استودعته أم موسى موسى عليه السلام»([41]).
فكان هذا مبدأ غيبته، وله عندهم غيبتان؛ غيبة صغرى، وغيبة كبرى؛ فمما ينسبونه لجعفر الصادق قوله: «للقائم غيبتان.. الأولى: لا يعلم بمكانه إلا خاصة شيعته، والأخرى: لا يعلمه إلا خاصة مواليه في دينه»([42]) .
وليس الفرق بينهما قصر مدة الأولى وطول مدة الثانية، وإنما الفرق في نقصان الاختفاء في الفترة الأولى وتمامه في الثانية؛ ذلك أن غيبته خلال الغيبة الصغرى كما يزعمون لم تكن تامة؛ إذ كان له "سفراء" يتصل من خلالهم بشيعته؛ يراهم ويرونه، ويوسطهم من مكان غيبته «لإيصال أقواله وأوامره للشيعة وأخذ الحقوق الشرعية؛ كالخمس والزكاة»([43])، وعددهم أربعة؛ وهم (عثمان بن سعيد)، وابنه (محمد بن عثمان)، و (الحسين بن روح)، و (أبو الحسن السمري)([44]).
أما في الغيبة الكبرى فقد انقطعت "السفارة" بينه وبين شيعته؛ فتمت بذلك غيبته؛ فـ«كل من ادعى الأمر (أي السفارة ..) بعد السمري (آخر النواب الأربعة في الغيبة الصغرى)؛ فهو كافر منمس (محتال) ضال مضل»([45])؛ «فانقطاع السفارة في الغيبة الكبرى [واضح] كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار»([46]).
وقد حلت (النيابة عن الإمام الغائب) محل (السفارة) خلال مدة الغيبة الكبرى، ويتبوأ منصبَ (النيابة عن الإمام) كلُّ فقيه شيعي راوية "لأحاديث الأئمة" إذا جمع "شرائط الاجتهاد"؛ ويثبتون هذا المنصب "للفقهاء" استنادا إلى الأمر الصادر عن "الإمام الغائب" بطاعتهم، ضمن ما يسمونه (توقيعات الناحية المقدسة)([47])؛ يقول التوقيع: «أما الوقائع الحادثة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله»([48])، أي عليهم، ومنصب (النيابة عن الإمام) يضفي على صاحبه قداسة خاصة لدى الشيعة، ويجعلونه "مرجعا دينيا" لهم؛ فلا يجوز أن يرد له أمر؛ لأن "الإمام الغائب" جعله "حجته عليهم"، ويلقبونه (نائب الإمام)، و (آية الله)؛ أي حجة الله في الأرض.
وكانت نيابة الفقيه عن "الإمام الغائب" تنحصر في دائرة الفتوى؛ أي إفتاء الأتباع ببيان "حكم الله" فيما يستشكل عليهم من "الوقائع الحادثة"؛ فاستقر الرأي عند الشيعة الاثناعشرية على أن ولاية فقهائهم خاصة بمسائل الإفتاء وأمثالها، كما ينص عليه "توقيع المنتظر" المتقدم، أما الولاية العامة التي تشمل السياسة وإقامة الدولة، فهي من خصائص "الإمام"، والإمام غائب؛ فهي موقوفة حتى يخرج من غيبته، لأن من أصولهم: أن الولاية العامة على المسلمين منوطة بأشخاص "معصومين" معينين بأسمائهم وعددهم اثنا عشر، قد نص الله عليهم واختارهم كما يختار أنبياءه([49])؛ وعليه فـ«كل بيعة قبل ظهور القائم عليه السلام فبيعة كفر ونفاق وخديعة، لعن الله المبايع لها والمبايع له»([50])، و«كل راية ترفع قبل راية القائم فصاحبها طاغوت»([51]).
ولذلك عاش أتباع هذا المذهب قرونا وهم ينظرون إلى خلفاء المسلمين على أنهم طغاة غاصبون مستبدون، ويتحسرون لأنهم قد استولوا على سلطان إمامهم، ويدعون الله في كل لحظة أن يعجل بفرجه حتى يقيم دولتهم، ويتعاملون مع الحكومات القائمة بمقتضى عقيدة التقية عندهم.
لكن غيبة "الإمام الحجة" طالت، ومضت قرون كثيرة دون أن يظهر، والشيعة محرومون من دولة شرعية حسب اعتقادهم، مما أشعر المتأخرين منهم مثل أحمد بن محمد مهدي النراقي الكاشاني (ت1245هـ)، و حسين بن عبد الرحمن النجفي النائيني (ت1355هـ)، ومحمد رضا المظفر (ت1381هـ) .. بضرورة إعادة النظر في هذا المبدأ، فبدأت فكرة القول بنقل وظائف المهدي للفقيه تداعب أفكارهم؛ فنادوا بتوسيع "صلاحيات الفقيه" لتشمل الولاية العامة التي تتضمن "الفصل في القضايا والحكومة بين الناس".
يقول الشيخ المظفر: «عقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط، أنه نائب للإمام عليه السلام في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق؛ له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام، والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشرك بالله كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت - عليهم السلام - فليس المجتهد الجامع للشرائط مرجعاً في الفتيا فقط؛ بل له الولاية العامة فيرجع إليه في الحكم والفصل والقضاء، وذلك من مختصاته؛ لا يجوز لأحد أن يتولاها دونه إلا بإذنه، كما لا يجوز إقامة الحدود والتعزيزات إلا بأمره وحكمه، ويرجع إليه في الأموال التي هي من حقوق الإمام ومختصاته.
وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام عليه السلام للمجتهد الجامع للشرائط ليكون نائباً عنه في حال الغيبة، ولذلك يسمى: "نائب الإمام"»([52])
وإلى اجتهادات أحمد النراقي الكاشاني، وحسين النجفي النائيني اللذين ذهبا إلى «أن للفقيه جميع ما للإمام من الوظائف والأعمال في مجال الحكم والإدارة والسياسة»([53])، استند الخميني في تقرير نظريته في "ولاية الفقيه" التي تخول "للفقيه المجتهد" أن ينوب عن "الإمام الغائب" في الولاية العامة على المسلمين بإقامة دولة تجري عليهم "أحكام الإسلام"، وتحمي بيضة "الدين"، إلى أن يأذن الله لـ"لإمام الشرعي" المنتظر في الظهور.
يقول الخميني: «قد مر على الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي أكثر من ألف عام، وقد تمر ألوف السنين قبل أن تقتضي المصلحة قدوم الإمام المنتظر، في طول هذه المدة المديدة، هل تبقى أحكام الإسلام معطلة ؟ يعمل الناس من خلالها ما يشاءون؟ ألا يلزم من ذلك الهرج والمرج؟ القوانين التي صدع بها نبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم)، وجهِد في نشرها، وبيانها وتنفيذها طيلة ثلاثة وعشرين عاماً، هل كان كل ذلك لمدة محدودة ؟ هل حدد الله عمر الشريعة بمائتي عام مثلا ؟ هل ينبغي أن يخسر الإسلام من بعد الغيبة الصغرى كل شيء؟ الذهاب إلى هذا الرأي أسوأ في نظري من الاعتقاد بأن الإسلام منسوخ»([54]).
ثم استنتج قائلا: «إذن فإن كل من يتظاهر بالرأي القائل بعدم ضرورة تشكيل الحكومة الإسلامية، فهو ينكر ضرورة تنفيذ أحكام الإسلام، ويدعو إلى تعطيلها وتجميدها، وهو ينكر بالتالي شمول وخلود الدين الإسلامي الحنيف»([55]).
ويؤكد في كتاب (تحرير الوسيلة) أن «في عصر غيبة ولي الأمر وسلطان العصر عجل الله فرجه الشريف، يقوم نوابه - وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى والقضاء- مقامه في إجراء السياسات وسائر ما للإمام عليه السلام إلا البدأة بالجهاد»([56]).
ويحتج الشيعة الإمامية الاثناعشرية لعقيدتهم في المهدي المنتظر بآيات كثيرة من القرآن يؤولونها فيه، (أوصلها اليزدي الحائري في "إلزام الناصب" إلى 133 آية)([57])، وبأحاديث من روايتهم، كما يحملون كل الأحاديث التي يرويها أهل السنة في المهدي على "قائمهم"، ويحتجون بآثار ينسبونها إلى أئمتهم، وإلى بعض الصحابة([58]).
× فمن الآيات التي يؤولونها فيه: قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)([59])؛ فعن يحيى بن أبي القاسم قال: «سألت الصادق (ع) عن قول الله عز وجل: (الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)([60])، فقال: المتقون شيعة علي (ع)، وأما (الغيب) فهو (الحجة الغائب)، وشاهد ذلك قول الله تعالى: (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)([61])»([62])
× ومنها قوله عز وجل: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ)([63])؛ عن أبي جعفر (ع) قال: «هذه نزلت في القائم؛ يقول: إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو، فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والأرض وحلال الله عز وجل وحرامه؟ ثم قال: والله ما جاء تأويل الآية، ولا بد أن يجيء تأويلها»([64]).
× ومنها قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)([65])؛ فقد رووا عن ابن مسكان عن أبي عبد الله الصادق قال: «إن العامة [هم أهل السنة عندهم] يقولون: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخرجته قريش من مكة، وإنما هو القائم عليه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام»([66]) .
× ومن الأحاديث التي يروونها في كتبهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحتجون بها لعقيدتهم في المهدي المنتظر: ما يحكونه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علي ابن أبي طالب (ع) إمام أمتي، وخليفتي من بعدي، ومن ولده القائم المنتظر؛ الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن الثابتين على القول به في غيبته لأعز من الكبريت الأحمر، فقام إليه جابر الأنصاري، فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ فقال إي وربي (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)([67])، يا جابر إن هذا لأمرٌ من أمر الله، وسر من سر الله، مطوي عن عباده؛ فإياك والشك في أمر الله، فهو كفر»([68]).
× ومنها ما حكوه عن علي بن موسى الرضا عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي بعثني بالحق بشيرا ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني، حتى يقول أكثر الناس: ما لله في آل محمد حاجة، ويشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه، ولا يجعل للشيطان عليه سبيلا بشكه؛ فيزيله عن ملتي، ويخرجه من ديني»([69]).
× ومنها ما رووه عن جابر الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلْقا وخُلُقا، تكون له غيبة وحيرة؛ تضل فيها الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب، ويملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا»([70]).
× ويحكون عن علي رضي الله عنه أنه قال للحسين: «التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين، الباسط للعدل، قال الحسين عليه السلام: فقلت: يا أمير المؤمنين، إن ذلك لكائن؟ فقال عليه السلام: إي والذي بعث محمدا بالنبوة، واصطفاه على جميع البرية، ولكن بعد غيبة وحيرة، لا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون؛ المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان»([71]).
× كما يحتجون ببراهين يرونها "عقلية"، يبنونها على مقدمات مسلمة لديهم؛ منها: «أن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام»([72]).
و «أن الأرض لا تخلو من حجة»([73])؛ فـ«لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة»([74]).
وعليه فلا بد في اعتقادهم من وجود إمام يقيم الحجة على الناس، ولو لم نره.
ظهوره وبيعته
يتصور الشيعة وقائع ظهور "مهديهم المنتظر" استنادا إلى حديث طويل ينسبونه إلى جعفر الصادق من رواية المفضل بن عمر([75])؛ يسأله فيه المفضل عن مجريات "الظهور المبارك" و "الفرج الشريف" بخروج "القائم من آل البيت"، والصادق يجيبه.
وسأورد منه مقتطفات تختزل القصة كما يؤمنون بها، معتذرا عما تتضمنه من السخف والهوس، رغبة في إطلاع من لم يطلع على مبلغ الطائفة الاثناعشرية من الانحراف والعمه، لا سيما وأن القوم لا زالوا إلى يوم الناس هذا يؤمنون بصحة الكتب التي تضمنت هذه الخرافات والمجازفات إيمان أهل الحق بالقرآن.
وقد بدأ المفضل أسئلته –كما تقول الأسطورة- بالسؤال عن وقت ظهور "المهدي"؛ فقال: هل للمأمول المنتظر المهدي عليه السلام من وقت موقت يعلمه الناس؟ فأجابه الصادق بالنفي، معللا بأن "المهدي" هو الساعة، ولا يعلم وقتها إلا الله([76])، ثم استرسل المفضل في أسئلته حول كيفية بدء الظهور، ومكانه، وأحداث ما بعد بيعة (القائم)، إلى أن يمهد له حكم الأرض، ويوطد دعائم دولته من عاصمة ملكه بالكوفة؛ وقد جاء في أجوبة الصادق أن المهدي «يظهر بمكة.. وعليه بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى رأسه عمامة صفراء، وفي رجليه نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم المخصوفة، وفي يده هراوته عليه السلام»([77])!!!
ويقف بين الركن والمقام، «فيصرخ صرخة فيقول: يا معاشر نقبائي وأهل خاصتي ومن ادخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري على وجه الأرض! ائتوني طائعين! فترد صيحته عليه السلامعليهم وهم على محاريبهم، وعلى فرشهم، في شرق الأرض وغربها؛ فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كل رجل!!!، فيجيئون نحوها، ولا يمضي لهم إلا كلمحة بصر، حتى يكون كلهم بين يديه عليه السلامبين الركن والمقام»([78]).
«وذلك قول الله: (أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)([79])»([80]).
فيكون أول من يقبل يده جبرائيل عليه السلام، ثم يبايعه، وتبايعه الملائكة ونجباء الجن، ثم النقباء»([81]).
ومن أعماله بعد بيعته أنه ينقض البيت «فلا يدع منه إلا القواعد التي هي أول بيت وضع للناس ببكة في عهد آدم عليه السلام، والذي رفعه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام منها؛ وإن الذي بني بعدهما لم يبنه نبي ولا وصي، ثم يبنيه كما يشاء الله»([82]).
محاكمة أبي بكر وعمر
ثم يسير إلى المدينة، فـ«يرد إلى قبر جده صلى الله عليه وسلم ، فيقول: يا معاشر الخلائق، هذا قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم يا مهدي آل محمد، فيقول: ومن معه في القبر؟ فيقولون: صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر... فيقول للخلق بعد ثلاث: أخرجوهما من قبريهما، فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما، ولم يشحب لونهما (!!!)»([83]).
ويأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها..
ثم يأمر بانزالهما، فينزلان إليه ،فيحييهما بإذن الله تعالى، ويأمر الخلائق بالاجتماع، ثم يقص عليهم قصص فعالهما في كل كور ودور»([84]):
«كل دم سفك، وكل فرج نكح حراما، وكل رين وخبث، وفاحشة، وإثم، وظلم، وجور، وغشم، منذ عهد آدم عليه السلام إلى وقت قيام قائمنا عليه السلام؛ كل ذلك يعدده عليه السلامعليهما، ويلزمهما إياه فيعترفان به (!!!) ثم يأمر بهما فيقتص منهما في ذلك الوقت بمظالم من حضر، ثم يصلبهما على الشجرة، ويأمر نارا تخرج من الأرض فتحرقهما والشجرة، ثم يأمر ريحا فتنسفهما في اليم نسفا (!!!).
قال المفضل: يا سيدي ذلك آخر عذابهما؟ قال: هيهات يا مفضل والله ليُرَدَّن وليحضرن السيد الأكبر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصديق الأكبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام وكل من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا، وليقتصن منهما لجميعهم حتى أنهما ليقتلان في كل يوم وليلة ألف قتلة (!!!)»([85])
وفي رواية: «فإذا دخل المدينة أخرج اللات والعزى فأحرقهما»([86]). ووقع عند ابن بابويه في (كمال الدين) أن الله أرى نبيه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج الأئمة من ولد الحسين، و «القائم في وسطهم كأنه كوكب دري، [قال:] قلت: يا رب ومن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس يومئذ بهما أشد من فتنة العجل والسامري»([87]).
قال المجلسي: «يعني باللات والعزى صنمي قريش أبا بكر وعمر(!!!)».([88]).
الاستقرار بالكوفة وحكم العالم
ثم «يسير المهدي عليه السلام إلى الكوفة وينزل ما بين الكوفة والنجف، وعنده أصحابه في ذلك اليوم: ستة وأربعون ألفا من الملائكة، وستة آلاف من الجن(!!!)، والنقباء ثلاثمائة وثلاثة عشر نفسا»([89]). ومن الكوفة عاصمة ملكه يحكم العالم بأسره، ويسود السلام([90]).
ومنها سينطلق بجيشه لفتح القدس وتحرير فلسطين؛ فبعد أن يرتب أوضاع دولته بها ويرسخ حكمه فيها، ويؤمن حدودها الشرقية من جهة روسيا والصين، يقوم «بالإعداد الشعبي والسياسي والعسكري لمعركة فتح القدس الكبرى»([91]).
وسيستمر حكمه إلى أن يأتي عيسى الذي سيساعده في تحرير القدس، وإلى أن يشاء الله، وعندهم في مدة حكمه روايات كثيرة مضطربة؛ تتراوح بين سبع سنين، وبين القول بامتداد حكمه إلى ما قبل قيام الساعة بأربعين يوما([92]).
[1] التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، ط. دار الكتب العلمية، لبنان، (1416هـ/1996م)، ص: 703.
[2] كتاب مناقب الشافعي، تحقيق جمال عزون، ط. الدار الأثرية، الطبعة.1، (1430هـ /200م)، ص: 95.
[3] لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية، ط. مؤسسة الخافقين، الطبعة.2، دمشق (1402هـ/1982م): 2/84.
[4] نفسه، ص: 227.
[5] الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة، تحقيق مسعد السعدني، ط. مكتبة الفرقان، القاهرة، (2000م)، ص166.
[6] نظم المتناثر من الحديث المتواتر، ط. دار الكتب السلفية، مصر، (دون تاريخ)، ص: 229.
[7] أحمد بن الصديق الغماري، "إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون"، أو "المرشد المبدي لفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي"، ط. مطبعة الترقي، دمشق، (1347هـ)، ص: 3.
[8] نظرة عابرة في مزاعم من ينكر نزول عيسى u قبل الآخرة، ط. دار الجيل، الطبعة.2، القاهرة، (1408هـ/1987م)، ص: 122.
[9] الأحاديث الواردة في المهدي في ميزان الجرح والتعديل، القسم الأول: "المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة، وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة"، ط. المكتبة المكية (مكة المكرمة)، ودار ابن حزم (بيروت)، الطبعة.1، (1420هـ/1999م)، ص:355.
[10] الأحاديث الواردة في المهدي في ميزان الجرح والتعديل، القسم الثاني: "الموسوعة في أحاديث المهدي الضعيفة والموضوعة"، نفس البيانات السابقة، ص: 6.
[11] أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجلِ فيتمنى أَن يكون مكان الميّت من البلاء، رقم (7247).
[12] رواه أبو داود في سننه، كتاب المهدي، رقم (4282)، وأخرجه الترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء في المهدي، رقم (2231)، بلفظ قريب من هذا، وقال: «حديث حسن صحيح»، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (2231).
[13] أخرجه أحمد في المسند، رقم (4098 )، وأبو داود في سننه، كتاب المهدي، رقم (4282)، والترمذى في كتاب الفتن، باب ما جاء في المهدي رقم (2230)، وقال: «حسن صحيح»، وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند: «إسناده حسن».
[14] أخرجه الحاكم في المستدرك، رقم (8673)، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، وقال الذهبي قي التلخيص: «صحيح»، وأورده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة، رقم (711)، وقال: «هذا سند صحيح، رجاله ثقات».
[15] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب المهدي، رقم (4284)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير"، رقم (6734)، وقال الشيخ أحمد بن الصديق الغماري في "إبراز الوهم المكنون"، ص: 71: «وهو حديث صحيح أو حسن كما حكم به الحفاظ؛ إذ رجاله كلهم عدول أثبات».
[16] أخرجه أبو داود في كتاب المهدي من السنن، برقم (4285)، والطبراني في المعجم الأوسط، رقم (9460)، وأخرجه الحاكم في المستدرك، رقم (8670)، من طريق عمران القطان: ثنا قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، ورد الذهبي قوله: (على شرط مسلم) في التلخيص؛ فقال: «عمران ضعيف ولم يخرج له مسلم»، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم (6736).
(أجلى الجبهة) منحسر مقدم الرأس من الشعر أو واسع الجبهة، (أقنى الأنف): طويل الأنف دقيق أرنبته مع حدب في وسطه.
[17] . أخرجه أحمد في المسند، رقم (645)، وابن ماجه في كتاب الفتن، باب خروج المهدي رقم (4085)، وأورده الألباني في "السلسلة الصحيحة"، رقم (2371).
[18] سيأتي تخريجه وتحقيقه في مبحث (سوابق نزول عيسى).
[19] سيأتي تخريجه وتحقيقه في مطلب (سوابق نزول عيسى).
[20] أبو جعفر محمد بن بابويه القمي، "كمال الدين وتمام النعمة"، تصحيح وتعليق على أكبر الغفاري، ط. مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، إيران، (1405هـ)، ص: 411.
[21] (النواصب) عندهم: أهل السنة والجماعة؛ لأنهم في اعتقادهم يناصبون عليا وآل البيت العداء.
[22] محمد باقر المجلسي، "بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار"، ط. مؤسسة الوفاء، بيروت، الطبعة.2، (1403هـ/1983م) :52/283-284.
[23] باقر المجلسي "بحار الأنوار": 51/7 ، وعنه علي اليزدي الحائري، "إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب"، ط. مطابع دار النعمان، النجف، (1390هـ/1971م): 1/313، وابن بابويه القمي، "كمال الدين وتمام النعمة"، ص: 420.
[24] المجلسي، المصدر السابق: 51/6-7 ، وعنه علي الحائري، المرجع السابق: 1/312، والسيد المهدي العوادي، "المهدي وآخر الزمان"، ط. دار الجنوب للطباعة، صيدا لبنان، الطبعة.1، (1419هـ)، ص: 7-8، وابن بابويه القمي، المصدر السابق، ص: 419-420.
[25] جاء في المعجم الوسيط، مادة (ختن): «(الختن): كل من كان من قبل المرأة كأبيها وأخيها، وكذلك زوج البنت أو زوج الأخت؛ وفي الحديث (علي ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم)».
[26] المجلسي، المصدر السابق: 51/8، وعنه علي الحائري، المرجع السابق: 1/314-315، وابن بابويه القمي، المصدر السابق، ص: 421.
[27] المجلسي، المصدر السابق: 51/8-9، وعنه علي الحائري، المرجع السابق: 1/315، وابن بابويه القمي، المصدر السابق، ص: 422.
[28] المجلسي، المصدر السابق: 51/9-10، وعنه علي الحائري، المرجع السابق: 1/316، وابن بابويه القمي، المصدر السابق، ص: 423.
[29] المجلسي، المصدر السابق: 51/13، وعنه علي الحائري، المرجع السابق: 1/319، والسيد المهدي العوادي، "المهدي وآخر الزمان"، ص: 11، وجواد علي، "المهدي المنتظر عند الشيعة الإثناعشرية"، ترجمه عن الألمانية أبو العيد دودو، ط. منشورات الجمل، كولونيا، الطبعة.2، (2007م)، ص: 70.
[30] علي الحائري، المرجع السابق: 1/319، والسيد المهدي العوادي، المرجع السابق، ص: 11، وجواد علي، المرجع السابق، ص: 70.
[31] المجلسي، المصدر السابق: 51/13، وعنه علي الحائري، المرجع السابق: 1/319.
[32] المجلسي، المصدر السابق: 51/13، وعنه علي الحائري، المرجع السابق: 1/320.
[33] المجلسي، المصدر السابق: 51/2، وعلي دخيل، "الإمام المهدي u"، ط. دار المرتصى، بيروت، الطبعة.2، (1403هـ/1983م)، ص:9.
[34] علي دخيل، "الإمام المهدي u"، ص: 9، والمهدي العوادي، "المهدي وآخر الزمان"، ص: 19.
[35] السيد المهدي العوادي، المرجع السابق.
[36] كمال الدين وتمام النعمة، ص: 3-4.
[37] الشيخ فاضل المالكي، "الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة"، ط. مركز الأبحاث العقائدية، قم، إيران، الطبعة.1، (1420هـ)، ص: 14.
[38] ابن بابويه القمي، "كمال الدين وتمام النعمة"، ص: 28.
[39] "المهدي وآخر الزمان"، ص:218.
[40] أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني، " الأصول من الكافي"، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، ط. دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة.3، (1388هـ): 1/336-337.
[41] ابن بابويه القمي، "كمال الدين وتمام النعمة"، ص: 425.
[42] محمد بن إبراهيم النعماني، كتاب "الغيبة"، تحقيق: فارس حسون كريم، ط. مطبعة مهر، نشر: منشورات أنوار الهدى، إيران، الطبعة.1، (1422 هـ)، ص: 175.
[43] محمد السند، "دعوى السفارة في الغيبة الكبرى"، ط. مكتبة فخراوي، المنامة- البحرين، الطبعة.1، (1412هـ/1992م)، ص: 31.
[44] الشيخ فاضل المالكي، "الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة"، ص: 50.
[45] محمد السند، المرجع السابق، ص: 310.
[46] نفسه، ص: 6.
[47] قال الشيخ فاضل المالكي في كتاب "الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة"، ص:29: «المقصود بالتوقيع في هذا المقام يعني الكتاب الموقع، يعبر عنه بأنه توقيع، من باب تسمية الكتاب بأهم ما فيه ...[و] الكتب الصادرة، والرسائل الصادرة من الإمام سلام الله عليه كان يعبر عنها بأّنها توقيعات الناحية المقدسة»، فـ"التوقيعات" في زعمهم مراسيم تنظيمية، تتضمن أوامر "الإمام"، وفتاويه، وتعليماته، يكتبها بخط يده المعروف لدى خاصة شيعته، ويوقعها، ثم يرسلها مع السفير من مكان اختفائه؟؟ !!
[48] علي اليزدي الحائري، المرجع السابق: 1/440.
[49] الحسن بن يوسف الحلي، "منهاج الكرامة في معرفة الإمامة"، تحقيق عبد الرحيم مبارك، ط. مؤسسة عاشوراء للتحقيقات والبحوث الإسلامية، الطبعة.1، (1379هـ)، ص: 31-32، ومحمد رضا المظفر، "عقائد الإمامية"، ط. مطبعة بهمن، نشر: مؤسسة أنصريان، إيران، (دون تاريخ)، ص: 76.
[50] باقر المجلسي، المصدر السابق: 53/8 ، وعلي اليزدي الحائري، المرجع السابق: 2/257.
[51] محمد بن إبراهيم النعماني، "كتاب الغيبة"، ص: 115.
[52] محمد رضا المظفر، "عقائد الإمامية"، ص: 34-35.
[53] الحكومة الإسلامية، ط. مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، الطبعة.3، (2003م)، ص: 74.
[54] نفسه، ص: 26
[55] نفسه، ص: 26-27.
[56] الخميني، "تحرير الوسيلة"، ط. سفارة إيران في دمشق، (1418هـ/1998): 1/435.
[57] انظر "إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب": 1/50-108.
[58] قال علي دخيل في مقدمة كتابه "الإمام المهدي u"، ص: 6: «يطالعك هذا الكتاب بخمسين آية من القرآن الكريم، مؤولة فيه u، وخمسين حديثا عن الرسول الأعظم (ص) ورد فيه u، أخذناها من خمسين كتابا، يختلف كل حديث عن الآخر لفظا وسندا، ثم إلى جانب هذا وذاك تجد كلمات الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام، وكبار الصحابة والتابعين فيه u».
[59] سورة البقرة: 2-3.
[60] سورة البقرة: 1-3.
[61] سورة يونس:20.
[62] ابن بابويه القمي، "كمال الدين وتمام النعمة"، ص: 18، والمجلسي، "بحار الأنوار": 51/52، وعلي اليزدي الحائري، "إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب": 1/51.
[63] سورة الملك: 30.
[64] المجلسي، المصدر السابق: 51/52.
[65] سورة الحج: 39.
[66] المجلسي، المصدر السابق: 51/47، وعلي الحائري، المرجع السابق: 1/76.
[67] سورة آل عمران: 141.
[68] المجلسي، المصدر السابق: 51/73، وعلي الحائري، المرجع السابق: 1/168.
[69] المجلسي، المصدر السابق: 51/68.
[70] نفسه: 51/72، وعلي الحائري، المرجع السابق: 1/172-173.
[71] المجلسي، المصدر السابق: 51/110.
[72] أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني، " الأصول من الكافي": 1/177.
[73] نفسه: 1/178.
[74] نفسه: 1/179.
[75] أورده باقر المجلسي في مفتتح المجلد 53 من "بحار الأنوار"، تحت عنوان: (باب ما يكون عند ظهوره uبرواية المفضل بن عمر)، وعلي الحائري، في "إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب": 2/252 ، تحت عنوان: (الريحان الرابع: في الحديث المروي عن المفضل بن عمر عن الصادق u، ووقائع زمان الظهور والرجعة).
[76] المجلسي، المصدر السابق: 53/6-7، وعلي الحائري، المرجع السابق: 2/253.
[77] علي الحائري، المرجع السابق: 2/256.
[78] المجلسي، المصدر السابق: 53/6-7، وعلي الحائري، المرجع السابق: 2/256-257.
[79] سورة البقرة: 148.
[80] المجلسي، المصدر السابق:52/283.
[81] نفسه: 53/8.
[82] المجلسي، المصدر السابق: 53/11، وعلي الحائري، المرجع السابق: 2/260.
[83] المجلسي، المصدر السابق: 53/12، وعلي الحائري، المرجع السابق: 2/262.
[84] المجلسي، المصدر السابق: 53/13، وعلي الحائري، المرجع السابق: 2/262-263.
[85] المجلسي، المصدر السابق: 53/14، وعلي الحائري، المرجع السابق: 2/263-264.
[86] المجلسي، المصدر السابق: 52/284.
[87] ابن بابويه القمي، المصدر السابق، ص: 252-253.
[88] المجلسي، المصدر السابق: 52/284.
[89] نفسه: 53/11-14، وعلي الحائري، المرجع السابق: 2/264.
[90] جواد علي، "المهدي المنتظر عند الشيعة الإثناعشرية"، ص: 301.
[91] علي الكوراني، "عصر الظهور"، ط. دار المحجة البيضاء، بيروت، الطبعة.17، (2004م)، ص: 243.
[92] انظر اختلاف رواياتهم في مدة حكمه في المجلسي، المصدر السابق: 53/145-149.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقا تراه مشجعا أو مفيدا