العقيدة الأشعرية
مفهومها - نشأتها - أعلامها – مصادرها
(The concept of the Ash'ari faith)
بقلم د. الحسين بودميع.
أولا: مفهوم العقيدة الأشعرية ونشأتها إجمالا
العقيدة الأشعرية مذهب من مذاهب أهل السنة والجماعة في الاعتقاد، ينسب إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري البصري (260هـ/324هـ)، وهو مذهب قائم على إثبات العقائد الإيمانية بالبراهين العقلية؛ درءا للشبهات التي يثيرها خصوم العقيدة السنية من مبتدعي هذه الملة ومنتحلي المذاهب الفلسفية، والملل الدينية الأخرى نفيا وإثباتا؛ حيث تسعى لإثبات ما ينفيه هؤلاء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كإثبات وجود الله الذي ينفيه الدهريون والطبائعيون، والنبوة التي ينفيها الفلاسفة والبراهمة، ونبوة الرسول صلى الله عليه وسلم التي ينفيها اليهود والنصارى، والصفات الإلهية التي ينفيها الجهمية والمعتزلة، وبعض السمعيات كعذاب القبر والشفاعة ورؤية الله بالأبصار في الآخرة... التي ينفيها بعض أهل الأهواء، كما تسعى لنفي ما أثبتوه مما هو مخالف لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم؛ كنفي مماثلة الباري للحوادث التي يثبتها المجسمة والمشبهة، ونفي وجوب رعاية الصلاح والأصلح الذي يثبته المعتزلة، واستبدال مبدإ التجويز به، ونفي التحسين والتقبيح العقليين الذي يثبته المعتزلة، ونفي خلق العباد لأفعالهم الذي قالت به الجهمية وتبعتهم فيه المعتزلة، ومقابله وهو جبر العباد على أفعالهم الذي قالت به الجبرية، والتوسط بين المذهبين بتقرير مذهب الكسب، ونفي القول بخلق القرآن الذي دعت إليه الجهمية ثم المعتزلة، ونفي عصمة الأئمة، وتفضيل علي على سائر الصحابة، وتكفير أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، والقول بأن الإمامة لا تثبت إلا بالنص، وغير ذلك مما أثبتته الرافضة، ونفي التكفير بالكبيرة كما هو مذهب الخوارج، وكون صاحبها في منزلة بين منزلتي الإيمان والكفر كما هو مذهب المعتزلة، ونفي القول بخلوده في النار كما هو مذهب الفريقين معا...
وقد نشأت هذه العقيدة مع أبي الحسن الأشعري إثر مفارقته لمذهب الاعتزال، حيث انتهج مسلك ابن كُلاّب والقلانسي والمحاسبي... في باب الصفات والقرآن والإيمان، وتلقى عنه هذا المنهج تلامذته كأبي الحسن الطبري وابن مجاهد، وتلقاه عن هؤلاء تلامذتهم كابن فورك والباقلاني، وعرف المذهب تطورا تدريجيا في باب الصفات الإلهية خاصة، حتى تميزت داخله مدرستان: مدرسة المتقدمين كالطبقة الأولى من تلامذة أبي الحسن وتلامذتهم، وتميل إلى منهج الإثبات، ومدرسة المتأخرين التي أخذت بمنهج التأويل، ويمثلها إمام الحرمين أبو المعالي الجويني وتلميذه أبو حامد الغزالي ومن بعدهما الآمدي والفخر الرازي وعضد الدين الإيجي والسنوسي...
والعقيدة الأشعرية إذا أطلقت إنما يراد بها ما أطبق عليه المتأخرون، وحرروه في مصنفاتهم، وتعبر عنه أصدق تعبير المتون العلمية التي تعتمد لتلقين العقيدة لطلاب المعاهد والمدارس الأشعرية الرسمية؛ ككتاب المواقف للإيجي، وعقائد السنوسي، وجوهرة التوحيد للقاني...
ثانيا: أعلام الفكر الأشعري
عرفت العقيدة الأشعرية عبر مراحلها التاريخية إلى الآن انتشارا واسعا في العالم الإسلامي السني؛ من بلاد العرب والعجم، ورضيها عقيدة أعداد لا يحويها الحصر من علماء ومفكري وسلاطين وعوام المسلمين، وإن المتتبع ليلفي المنتحلين للفكر الأشعري المنظرين له المنافحين عنه في جميع شرائح العلماء بكل تخصصاتهم وفنونهم؛ فتجدهم في المحدثين، وفي الفقهاء والأصوليين، وفي المتكلمين، وفي الصوفيين، وفي النحاة واللغويين، وفي المؤرخين، وفي القراء والمفسرين، وفي الوزراء والأمراء والسلاطين..؛ وهذا ما يجعل حصر أعلام الفكر الأشعري، مع التعريف بكل علم، ولو على سبيل الاختصار، بحاجة إلى مؤلف مفرد، وحسبنا في هذه العجالة أن نشير إلى أشهرهم وأبرزهم تأثيرا في التنظير للمذهب والتعريف به والدفاع عنه ونشره، مع الاكتفاء بسرد الأسماء من غير تعرض للكلام في التراجم؛ لأن ذلك يطول ومحله كتب السير والتواريخ:
* فمن أعلام الأشاعرة من المتكلمين: أبو الحسن الأشعري؛ رأس المتكلمين وإمام المذهب الذي ينتسب إليه أهله، وتلامذته المباشرون؛ كأبي الحسن الطبري، وابن مجاهد، ومن بعدهم؛ كالقاضي أبي بكر الباقلاني، وأبي منصور عبد القاهر البغدادي، وأبي الفتح الشهرستاني، وإمام الحرمين أبي المعالي الجويني، وفخر الدين الرازي، وصفي الدين الهندي، وابن خمير السبتي، وأبي علي السكوني، وعضد الدين الإيجي، وأبي علي الجرجاني، ومحمد عبده، ومحمد زاهد الكوثري، وسعيد محمد رمضان البوطي، وعلي سامي النشار، ومحمد الحسن ولد الددو، وسعيد فودة....
* ومن أعلام الأشاعرة من الأصوليين: أبو الحسن الآمدي، وعز الدين بن عبد السلام، وناصر الدين البيضاوي، وأبو الحسن المازري، وأبو الوليد الباجي، وبدر الدين الزركشي، والسبكيان: علي بن عبد الكافي السبكي، وابنه عبد الوهاب بن علي السبكي، وأبو إسحاق الشاطبي...
* ومن أعلام الأشاعرة من المفسرين: أبو عبد الله القرطبي، والقاضي أبو محمد بن عطية الأندلسي، وأبو حيان الأندلسي، وبرهان الدين البقاعي، وابن عجيبة، والشيخ الطاهر بن عاشور، ومصطفى المراغي، وعبد العظيم الزرقاني، والشيخ متولي الشعراوي، ومحمد علي الصابوني...
* ومن أعلام الفكر الأشعري من الفقهاء: أبو بكر بن العربي المعافري، وابن الحاجب، وشهاب الدين القرافي، وابن جزي الغرناطي، وأبو الحسن الماوردي، وابن فرحون، وابن رشد الجد، وأبو بكر الطرطوشي، وأبو العباس الونشريسي، وابن بزيزة القيرواني، وأبو إسحاق الشيرازي، ومحمد بن عرفة الدسوقي...
* ومن أعلام الأشاعرة من المحدثين: أبو بكر بن فورك، وأبو بكر البيهقي، وابن القطان الفاسي، وصلاح الدين العلائي، وابن الصلاح، وابن دقيق العيد، والنووي، والعراقي، وبدر الدين بن جماعة، وكمال الدين الشُّمُنّي، وابنه أبو العباس تقي الدين الشُّمُنّي، وأبو بكر بن حجر الهيثمي، وجلال الدين السيوطي، والملا علي القاري، وعبد الفتاح أبو غدة، وحاتم بن عارف العوني...
* ومن أعلام الأشاعرة من المؤرخين: ابن عساكر الدمشقي، والقاضي ابن خلكان، وابن الأثير، وابن خلدون،
* ومن أعلام الأشاعرة من الصوفية: أبو حامد الغزالي، وأبو القاسم القشيري، وأبو عبد الله السنوسي، وبرهان الدين إبراهيم بن حسن اللقاني، وإبراهيم بن محمد البيجوري،
* ومن أ علام الأشاعرة من السلاطين: الوزير نظام الملك، ونور الدين زنكي، وسيف الدين قطز، والأمير صلاح الدين الأيوبي، والمهدي بن تومرت الموحدي، ومحمد الفاتح، وعمر المختار...
ثالثا: مصادر الفكر الأشعري
ما كتبه الأشاعرة لتقرير العقيدة على مذهبهم لا يحيط به الحصر كثرة؛ فإنه قل أن تجد عالما أشعريا إلا وله مؤلف أو أكثر في تقرير مسائل الاعتقاد على أصول المذهب؛ لذا فإن حصر مصادر الفكر الأشعري مع التعريف بها –ولو على سبيل الاختصار- مثل أعلامه؛ بحاجة إلى مؤلف مفرد؛ وعليه فسنقتصر في هذه النبذة العجلى على ذكر أبرز الكتب التي تؤسس وتنظر للفكر الأشعري من كتب العقيدة وعلم الكلام، من غير تعرض للتعريف بها أو عرض مضامينها، ومن غير تعرض لمصادر العقيدة الأشعرية من غير كتب العقيدة وأصول الدين؛ ككتب التفسير والحديث، وشرح الأسماء الحسنى، وكتب التراجم والطبقات...؛ لأن ذلك ليس من غرضنا في هذه المقالات التي ترمي إلى رصد مآخذ الفكر الحنبلي المعاصر على العقيدة الأشعرية، وسأسردها مرتبة على حروف المعجم.
فمن أهم كتب العقيدة الأشعرية:
1- أبكار الأفكار في أصول الدين، لسيف الدين لآمدي.
2- أساس التقديس، للفخر الرازي
3- أصول الدين، لأبي منصور عبد القاهر البغدادي.
4- الأربعين في أصول الدين، للفخر الرازي.
5- الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، لأبي المعالي الجويني.
6- الأسماء والصفات، لأبي بكر البيهقي
7- الاقتصاد في الاعتقاد، لأبي حامد الغزالي.
8- التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، لأبي إسحاق الإسفراييني.
9- الرسالة التسعينية في الأصول الدينية، لصفي الدين الهندي.
10- الشامل في أصول الدين، لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني.
11- العقائد العضدية، لعضد الدين الإيجي.
12- العقيدة النظامية، لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني.
13- الغُنية في علم الكلام للأنصاري النيسابوري.
14- الفرق بين الفرق، لأبي منصور عبد القاهر البغدادي.
15- اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، لأبي الحسن الأشعري.
16- المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية، لأبي الحسن الطنجي.
17- الملحة في اعتقاد أهل الحق، للعز بن عبد السلام.
18- المواقف في علم الكلام، لعضد الدين الإيجي.
19- تحفة المريد على جوهرة التوحيد، لإبراهيم البيجوري.
20- تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، للقاضي أبي بكر الباقلاني.
21- تهافت الفلاسفة، لأبي حامد الغزالي.
22- الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به، لأبي بكر الباقلاني.
23- رسالة إلى أهل الثغر، لأبي الحسن الأشعري.
24- رسالة في الإيمان، لأبي الحسن الأشعري.
25- شرح الإرشاد في أصول الاعتقاد، لمظفر بن عبد الله المصري.
26- طوالع الأنوار من مطالع الأنظار، لناصر الدين البيضاوي.
27- عقائد السنوسي: الكبرى، والصغرى، وصغرى الصغرى.
28- عيون المناظرات، لأبي علي السكوني.
29- غاية المرام في علم الكلام، لسيف الدين الآمدي.
30- فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة، لأبي حامد الغزالي.
31- قانون التأويل، لأبي حامد الغزالي.
32- قانون التأويل، للقاضي أبي بكر بن العربي.
33- قواعد العقائد، لأبي حامد الغزالي.
34- كتاب الاعتقاد، لأبي بكر البيهقي.
35- كتاب إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل، لبدر الدين ابن جماعة.
36- لحن العامة و الخاصة في المعتقدات، لأبي علي السكوني.
37- لمع الأدلة في قواعد وعقائد أهل السنة والجماعة، لأبي المعالي الجويني.
38- مجرد مقالات أبي الحسن الأشعري، لأبي بكر ابن فورك.
39- مشكل الحديث وبيانه، لأبي بكر ابن فورك.
40- مقالات الإسلاميين، لأبي الحسن الأشعري.
41- مقدمات المراشد إلى علم العقائد، لابن خمير السبتي.
42- منظومة جوهرة التوحيد، لبرهان الدين اللقاني.
43- نهاية الإقدام في علم الكلام، لأبي الفتح الشهرستاني.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقا تراه مشجعا أو مفيدا