الاختيارات العقدية
للفقيه محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي
بقلم د. الحسين بودميع
مقدمة
يعد الشيخ محمد بن الحسن الحجوي من رموز الإصلاح البارزين بالمغرب في القرن الرابع عشر الهجري، وقد ساعده على ما ناله من المراتب العلمية والإدارية ما تيسر له من سبل التحصيل العلمي حتى غدا واحدا من شيوخ العلم المبرزين، وما تمهد له من دروب التمَكُّن السياسي حتى صار من رجالات الدولة النافذين، وقد نهل خلال دراسته بالقرويين من مختلِف العلوم الإسلامية والإنسانية، كما تعددت الوظائف التي تقلدها في الدولة، وكانت له إسهامات مشهودة في التأليف العلمي، والإصلاح الفكري والديني والسياسي؛ فتعددت بذلك جوانب شخصيته؛ والإحاطة بكل هذه الجوانب يتطلب مؤلفا مفردا، وقد كُتب الكثير حول جوانب عديدة من شخصيته؛ خاصة ما يتصل بجهوده الإصلاحية في مجلات الفقه والسياسة والتعليم...
ولكن جهوده في إصلاح العقيدة والفكر، وإبراز مذهبه العقدي لم يحظ حسب اطلاعي بدراسة تكشف الغطاء عنه؛ فالحجوي النظَّار المتكلم لا يكاد يُعرف لدى كثير من المهتمين؛ بل عامة ما عرف عنه أنه فقيه إصلاحي متحرر، ينزع إلى التجديد ونبذ التقليد؛ ومن رام من مترجميه الإشارةَ إلى مذهبه العقدي اكتفى بما ذكره عن نفسه في الفكر السامي؛ من كونه "سلفي العقيدة"، من غير طلب للتفصيل، وبحث في مدلول اسم (السلفية) التي انتسب إليها.
وفي هذه الدراسة محاولة لتقريب مذهبيته في العقيدة، وبيان منهجه في الإصلاح الفكري والعقدي، وقد اقتضى الإلمامُ بموضوع الدراسة أن ترتب بعد المقدمة على مبحثين:
المبحث الأول: في عرض نبذة من حياة الشيخ الحجوي، وهو منكسر إلى أربعة مطالب:
المطلب الأول: في مسار حياتة الشخصية.
المطلب الثاني: في حياته العلمية.
المطلب الثالث: في حياته الوظيفية والسياسية.
المطلب الرابع: في وفاته وقصة مدفنه.
المبحث الثاني: الاختيارات العقدية للشيخ الحجوي، وهو مؤلف من ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: مؤلفاته في العقيدة.
المطلب الثاني: مذهبه العام في العقيدة.
المطلب الثالث: نماذج من اختياراته العقدية.
وستذيل الدراسة بخاتمة تُضَمن خلاصة منهجه في إصلاح العقيدة والفكر.
المبحث الأول
نبذة من حياة الشيخ الحجوي([1])
المطلب الأول: الحياة الشخصية
1- نسبه
هو أبو عبد الله محمد بن الحسن بن العربي بن محمد بن أبي يعزى بن عبد السلام الحجوي الثعالبي الجعفري الفاسي.
ونسبة (الثعالبي) إلى قبيلة الثعالبة، وهم قبيل كبير من القُطر الجزائري.
و(الحجوي) نسبة إلى قبيلة حْجَاوة، وهي فرع من قبيلة الثعالبة.
و(الجعفري) نسبة إلى جعفر الطيار t، وهو جعفر بن أبي طالب شهيد غزوة مؤتة الشهير؛ فإليه ينتهي نسب مترجمنا([2]).
و(الفاسي) نسبة إلى مدينة فاس التي ولد ونشأ بها؛ يقول /: «ومسقط رأسي فاس، وبها قرأت وتعلمت، وبأدب أهلها تأدبت»([3]).
2- مولده
ولد الشيخ الحجوي عند النداء لصلاة الجمعة، يوم 04 رمضان سنة 1291هـ، الموافق يومَ 22 شتنبر 1874م بدار جده بحي جرنيز، في مدينة فاس القديمة؛ كما وثق ذلك أبوه الحسن بن العربي الحجوي في مذكرته، وفي ذلك يقول /: «وجدت بخط سيدي الوالد / في مقيدته: "ولد لي ولدي سيدي محمد حفظه الله من الزوجة الصالحة بنت الأمين السيد الحسين عبد الكبير كنون، يوم رابع رمضان المعظم، عند النداء لصلاة الجمعة، سنة 1291 إحدى وتسعين ومائتين وألف هجرية, جعله الله من علمائه العاملين، وأوليائه الصالحين". اهـ، وذلك موافق 22 سبتمبر 1874، ومحل ولادتي بالدار التي أسسها سيدي الجد / بجرنيز قرب الحرم الإدريسي»([4]).
3- أفراد من أسرته ممن لهم أثر في تربيته وبناء مجده
أ- أبوه: ركز الشيخ الحجوي في إبراز أثر والده في تربيته على التربية الفكرية السليمة التي كان يحرص على تلقينه إياها؛ فذكر أن والده «هو أول من ألقى إلي دروسًا في العقائد السنية السلفية طبق القرآن الكريم، وفي الفقه والتاريخ والسير والشمائل، وهذا الفن هو الذي كان الأغلبَ عليه، وهو أدْخَلُ في تهذيب الأولاد من كل ما سواه»([5])، ومن سبل والده في تربيته فكريا، ورسم المنهج السليم لبناء القناعات الفكرية أمامه أن نبهه «للابتعاد عن خلط المعتقدات بالأوهام، ودرَّبه على التفرقة بين ما هو يقين يعتقد بدلائله، ولا يقبل التقليد في شيء من مقدماته، وبين ما هو مظنون يجتهد فيه استدلالًا واستنتاجًا، ويقابل فيه فكر المخالف بالاحترام والاعتذار، وما هو موهوم يطرح، ولا يفسد به جوهر العقل النقي»([6])، كما كان يحضه «على أن يكون العقل والدين سلطانًا حاكمًا على الخيال والعواطف، كما كان يحضه على حفظ القرآن وأشعار العرب وأمثالها, والأحاديث الصحاح، والوقائع التاريخية، واستنتاج العبر منها، وتطبيقها على الأحوال الوقتية»([7]).
ب- أمه: التي وصفها بـ «الصالحة القانتة»([8])، ووصفها أبوه بـ «الزوجة الصالحة»([9])، وهي من أسرة (كنون)، من الأسر العلمية العريقة في المغرب، ولم يطل في بيان أثرها عليه؛ لتمام نيابة جدته عنها في ذلك، وإنما ذكر أنها كانت تربيه مستعينة بجدته، وكانت توافق على كل مساعي الجدة في تربيته وإعداده.
ج- جدته من جهة أبيه: وهي التي كان لها الحظ الأوفر في تربيته، وتحبيب العلم والدين إلى قلبه في صغره، ويبدو من وصفه لها أنها كانت على بصيرة من دينها، وعلى جانب كبير من التدين الصحيح به؛ إذ وصفها بأنها «سيدة جليلة القدر، كانت على جانب عظيم من التبتل والعبادة، صوامة، محافظة على أوقات الصلاة، حافظة للسانها وجوارحها عن الخروج عن عبادة الله تعالى، مكبة على طاعته، مشفقة على الضعفاء والمساكين وذوي العاهات، مواسية مَنْ يستحق المواساة، فكانت أفعالها وأخلاقها كلها دروسًا عملية علمية تهذيبية ينتفع بها من نفعه الله من العائلة كلها»([10]).
وقد ذكر من آثار جدته عليه ومنهجها في تربيته:
ـ أنها كانت تربيه بالقدوة الحسنة، وأنه كان يتلقى عنها دروس الأخلاق عمليا، والفكر فارغ من غيرها، فكانت تلك الدروس في نفسه كنقش في حجر.
ـ كانت ترغبه بأنواع ما يرغَّب به الصبيان في القيام باكرًا، وإسباغ الوضوء للصلاة، والنظافة وحفظ الثياب، والاعتناء بكتاب الله، والمحافظة على أوقات دخول الكُتّاب، وحب المساكين، ورحمة الضعيف، وهجر كل ما ليس بمستحسن في الدين، حتى غرست في قلبه عشق العلم، والهيام بحفظ القرآن العظيم، واعتياد الصلاة، والارتياض على الديانة بحالها ومقالها, لِما كانت عليه من صلاح الأحوال، ومتانة الدين عن علم واعتقاد متين؛ فكانت مرآة أخلاقها وأعمالها في الحقيقة أول مدرسة ثَقَّفَت عواطفَه، ونفثت في أفكاره روحَ الدين والفضيلة.
المطلب الثاني: الحياة العلمية
1- مساره التعليمي
وصف الشيخ الحجوي مساره التعلمي بالتفصيل، في ترجمته لنفسه في الفكر السامي؛ وقد رتب مراحل تدرجه في التحصيل العلمي على النحو التالي:
أولا: مرحلة الكُتَّاب:
لما بلغ من العمر سبع سنين أو ما يقاربها, أدخله أبوه لمكتب خصوصي ليتلقَّى القرآن العظيم على الفقيه محمد بن عمر السودي؛ حفيد الشيخ التاودي بن سودة، فقرأ عليه القرآن إلى أن بلغ سورة يس, وأتقن على يديه الكتابة والقراءة والتجويد والرسم، كما تلقى عليه دروس الأخلاق، وبعض الحساب، ومبادئ الدين, وقرأ عليه بعض المتون في العقائد والنحو.
ثم انتقل لمكتب عموميٍّ بزقاق البغل بفاس، فأكمل حفظ القرآن العظيم على الأستاذ محمد بن الفقيه الورياغلي، كما أخذ عنه كثيرا من بقية المتون، وعلى يديه تدرب على قواعد الإعراب، وفهم غريب القرآن.
ثانيا: مرحلة القرويين:
في سنة 1307هـ، دخل الشيخ جامعة القرويين العريقة، فدرس فيها المرحلة الثانوية والمرحلة العالية, وفيها تضلع في العلوم الشرعية، وفنون العربية، والتاريخ، والفلك، والحساب، والفلسفة، وغيرها، على يد جلة شيوخ القرويين الذين أحرزوا قصب السبق، وطارت شهرتهم في المغرب آنذاك.
ثالثا: مرحلة إجازة الشيوخ والتصدي للتدريس
في سنة 1316هـ بدأ الشيخ يلقي الدروس بالقرويين, بعد ما أجازه وأذن له في ذلك بعض شيوخه، ليصبح في هذه السنة معدودا في صف العلماء المدرسين.
2- شيوخه
جل شيوخ مترجَمنا من أساتذة جامع القرويين، وقد استقصى أسماء معظمهم، وما تلقاه من العلوم عن كلٍّ في فهرسته المسماة: (العروة الوثقى )، وأجل شيوخه:
ـ والده الشيخ أبو محمد الحسن بن العربي الحجوي الثعالبي الجعفري (ت 1328هـ)، أخذ عنه في مجالسه بالمنزل: العقائد، والفقه، والأخلاق (التصوف)، والتاريخ، والحساب، والجغرافيا، وتراجم الرجال.
ـ الشيخ المحدث أبو شعيب بن عبد الرحمن الدكالي الصديقي (ت 1356هـ)، روى عنه بالسند المتصل إلى رسول الله ع الحديث المسلسل بالأولية، وأجازه إجازة عامة بشرطها في غيره من المرويات.
ـ أبو عبد الله محمد بن التهامي الوزاني (ت1311هـ)؛ أخذ عنه: الفقه، والنحو، والفرائض، والمنطق، والتوحيد.
ـ أبو أحمد محمد بن قاسم القادري الحسني الفاسي (ت1331هـ)؛ أخذ عنه دروسا متنوعة في التوحيد، والفقه، والأصول، والتفسير، والحديث.
ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن الخياط الزكاري الحسني الفاسي (ت1343هـ)، أخذ عنه الفقه، والتفسير، والأصول، والحديث...
ـ أبو العباس أحمد بن الطالب السودي المري (ت1321هـ)، أخذ عنه صحيح البخاري، وشمائل الترمذي إلى الختم؛ رواية ودراية.
ـ أبو سالم عبد الله الكامل الأمراني الحسني (ت1321هـ)، حضر دروسه الفقهية الغنية بفرائد الفوائد في فنون شتى.
ـ أبو محمد جعفر بن إدريس الكتاني (ت1323هـ)، سمع بعض دروسه الحديثية من البخاري وغيره.
ـ أبو العباس أحمد بن الجيلاني الأمغاري الحسني (ت1352هـ)، لازم مجالسه كثيرا في الفقه، والنحو، والصرف، والمنطق، والتوحيد، والمصطلح الحديثي، والبيان، والتصوف.
ـ إدريس بن الطائع البلغيثي (ت 1322هـ)؛ أخذ عنه العلوم الرياضية.
3- مؤلفاته
خلّف محمد بن الحسن الحجوي آثارا علمية تناهز مائة كتاب؛ في مواضيع علمية مختلفة؛ فيها الفقه وأصوله، والحديث وعلومه، ومكانة القرآن وتفسيره، وإصلاح الفكر والعقائد، والتواريخ والتراجم والرحلات، ومن مؤلفاته المطبوعة:
ـ الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، وأصله محاضرة ألقاها بفاس في ربيع الأخير سنة 1336هـ، ثم طوره ليخرج في كتاب ضخم من أربع مجلدات، طبع عدة مرات.
ـ تفسير الآيات العشر الأولى من سورة قد أفلح، وهو درس ألقاه على علماء الزيتونة، سنة 1336هـ، ثم طبعوه بها، وهو أول ما طبع له خارج المغرب.
ـ الفتح الإسلامي لإفريقيا الشمالية ودفع المثالب عنه، ألقاه محاضرة في الخلدونية بتونس، ثم طبع بها.
ـ المحاضرة الرباطية في إصلاح تعليم الفتيات في الديار المغربية، وهي محاضرة ألقاها المؤلف بالمؤتمر المنعقد في معهد الدروس العليا بالرباط سنة 1922م، وطبعتها جريدة النهضة بتونس.
ـ مختصر العروة الوثقى في مشيخة أهل العلم والتقى، وهو اختصار لفهرست المؤلف، ذكر فيها شيوخه، وإجازاته، ومؤلفاته، طبعت أول مرة بمطبعة الثقافة بمدينة سلا المغربية، سنة 1938م، ثم طبعت بدار ابن حزم بتحقيق محمد بن عزوز.
ـ تعليم الفتيات لا سفور المرأة، طبع بدار ابن حزم بتحقيق محمد بن عزوز.
4- ثناء العلماء عليه
في كلمات المعاصرين للشيخ الحجوي من أهل العلم نجد شهادات ناطقة بما كان له من المكانة بينهم، فقد أثنى عليه غير واحد من مشاهير علماء ق14 بالتقدم في العلم، والنباهة والذكاء، وجودة التآليف، وممن شهد له بذلك: العلامة الطاهر بن عاشور، والعلامة المحدث عبد الفتاح أبو غدة، والعلامة عبد السلام بن سودة المغربي، والعلامة المحدث الشيخ أبي عبد الأحد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، والأستاذ عبد الله الجراري المغربي...
ـ فقد قال في حقه الطاهر بن عاشور: «ومن أبهر الكواكب التي أسفر عنها أفقنا الغربي في العصر الحاضر، وكان مصداق قول المثل: (كم ترك الأول للآخر) الأستاذ الجليل، والعلامة النبيل، وصاحب الرأي الأصيل، الشيخ محمد الحجوي؛ المستشار الوزيري للعلوم الإسلامية بالدولة المغربية؛ فلقد مد للعلم بيض الأيادي، بتآليفه التي سار ذكرها في كل نادي»([11]).
ـ وحلاه الأستاذ عبد الله الجراري بقوله: «من العلماء المتحررين؛ كما يتجلى ذلك من خلال كتبه وتآليفه…، يُعد في علية علماء المغرب، الذين تفتخر بهم معلمته الثرية والغنية بالعلوم والفنون»([12])، ووصفه بالشجاعة والصلابة؛ إذ ذكر أن مخاطرته بالكتابة في موضوعات شائكة؛ كبعض بدع المولد بما يخالف ما عليه شيوخ البلد «يبرهن مرة أخرى على شجاعته وصلابته»([13])، وذكر أن كتابه (الفكر السامي) «برهن عن اطلاعه الواسع، وقدرته على البحث والمقارنة، والأخذ بما يراه نتيجة لأبحاثه، دون الإخلاد إلى التقليد»([14]).
ـ وقال فيه الشيخ عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني: «العبقري الأوحد، السري النابه الأسعد، الحُلاحِل([15]) العلامة، الذي جعل ضروب الرفعة مقامه، وابتزاز الفرائد اهتمامه, الأستاذ المشارك النابغة، مندوب المعارف أبي عبد الله محمد الحجوي»([16]).
المطلب الثالث: الحياة الوظيفية والسياسية
مما يميز الشيخ محمد بن الحسن الحجوي بين شيوخ عهده أنه كان – إلى جانب تقدمه في العلم بكل فنونه – من رجالات السياسة الذين كان لهم شأن في إدارة دواليب الدولة زمن الحماية الفرنسية؛ خاصة الشؤون المالية والتعليمية؛ ومن الوظائف التي تقلدها:
1- وظيفة العدل في صوائر دار المخزن بمكناس؛ أيام السلطان المولى عبد العزيز بن الحسن، وهو أول وظيف له، تولاه عام 1318هـ.
2- أمين ديوانة مدينة وجدة على الحدود المغربية الجزائرية، وقد رقي إلى هذه الوظيفة سنة 1320هـ.
3- مفتش الجيش الذي كان مرابطًا في جهة الشرق، لصيانة وجدة من هجوم أبي حمارة، الطامع في المُلْك؛ بإيعاز من سلطات الاستعمار، وكان هو معظم الجيش المغربي إذ ذاك، وقد أسند له ذلك سنة 1321هـ.
4- نائب الملك في الحدود، وفي فصل دعاوي أهل الإيالتين (المغرب) و(الجزائر) هناك، كما كلف بتنظيم جيش لحراسة الحدود المغربية.
5- سفير المغرب في الجزائر مع وظائفه المتقدمة، أسندت له السفارة عام 1321هـ.
6- نائب الصدارة العظمى في وزارة العلوم والمعارف، وقد عين في هذا المنصب أول ما أحدث في المغرب آخر أيام السلطان عبد الحفيظ بن الحسن، عام 1330هـ، وفي مدة توليه لهذا المنصب انفتحت عدة مدارس ابتدائية بالمدن المغرية بعد خلوها منها، وباشر الشيخ الحجوي إدخال العربية والدروس الدينية والقرآن العظيم لها، وغيرها من المواد التي كانت فرنسا ضد إدخالها في البرامج التعليمية، وبسبب ذلك حصل الإقبال على التعليم، وامتلأت المدارس شيئًا فشيئًا، وانتشرت في عموم المملكة حتى البوادي، وذلك أيام السلطان يوسف بن الحسن.
7- رئيس المجلس التحسيني لإصلاح التعليم بالقرويين، وهو ما عرف فيما بعد باسم (المجلس العلمي)، وقد باشر ذلك ابتداء من سنة 1332هـ.
المطلب الرابع: وفاته وقصة مدفنه
توفي الشيخ الحجوي / يوم الاثنين 3 ربيع الأول عام 1376هـ الموافق 8 أكتوبر 1956م، في أحد مستشفيات الرباط، عن سن تناهز خمسة وثمانين (85) عاما.
أما عن مدفنه فقد وصفه عبد السلام بن سودة في قوله: «وفي غده الاثنين حُمل إلى فاس، ودفن بعد العصر في محل بقصبة ابن دباب خارج باب المحروق، ولم يحضر جنازته أحد بعد ما امتنع الحزابون من القراءة عليه، وبعد دفنه امتنع سكان القصبة من الصلاة في ذلك المحل الذي دفن فيه، فأخرج من قبره ونقل إلى مكان آخر، ورجع الناس إلى الصلاة بالمحل المذكور، وكتم المحل الذي دفن به ثانيا إلى الآن»([17]).
ولعل سبب هذه الحادثة ما كان من بعض العلماء المعاصرين للشيخ من الحرب عليه، لدواع لعل من جملتها الحسد على ما آتاه الله من المواهب، وما مهد له من سبل الترقي والشهرة والنجاح، مع ما عُهد منه من الجسارة في إنكار ما يراه مخالفا للدين، خلافا لسيرة هؤلاء في مسايرة العامة، والولع بالابتداع والتزيد في الدين، وأشهر المسائل التي ثار فيها الخلاف بينه وبينهم: مسألة القيام للنبي r عند سماع ذكر وضع أمه له في حفل المولد، وقد كان هو ينكر ذلك؛ فألف في الإنكار رسالته الشهيرة: (صفاء المورد بعدم القيام عند سماع المولد)، بينما كان غالب من سواه من الشيوخ يرون ذلك من تعظيم النبي r، وتركه إزراء بمقامه r، وربما راموا من يتركه أو يحرض على تركه بالكفر، ومنهم أحمد بن عبد الواحد المواز؛ الذي ألف في الرد على الحجوي كتاب: (حجة المنذرين على تنطع المنكرين).
فلعل تحريض هؤلاء عليه، إلى حد رميه بالكفر هو ما ألب عليه العامة، وأفضى إلى إعراضهم على جنازته، وهجْرِ مدفنه، وفي وصف عبد الله الجراري له فيما تقدم بالشجاعة والصلابة، والجهر بما يراه حقا، ولو خالف ما عليه شيوخ البلد بعضٌ مما يدل على هذا.
ولعله إنما يشير إلى هذا في قوله وهو يترجم لابن تيمية، ويذكر محنته بسبب جرأته في الحق: «وهذه عادة الله في أعاظم العلماء، ولا سيما من كان منهم مستقل الفكر، حر اللسان؛ يتألب الناس ضده حياتَه، ويكون له لسان صدق في الآخرين»([18]). والله أعلم.
المبحث الثاني
الاختيارات العقدية للشيخ الحجوي
المطلب الأول: مؤلفاته في العقيدة
مضى عرض بعض مؤلفات الشيخ في ترجمته، وأجلنا ذكر مؤلفاته العقدية إلى هذا المبحث؛ لنمهد بذكرها لبيان مذهبه ومنهجه في العقيدة، باعتبارها المصدر الذي تستقى منه اختياراته العقدية، ومسلكه في إصلاح الفكر والعقيدة، وسأفصل بين المطبوع والمخطوط منها معرفا بكل كتاب؛ ببيان مضمونه، وبيانات طبع المطبوع منها، وبيانات حفظ المخطوط منها.
أولا: المؤلفات المطبوعة أو المقدمة للطبع
1 ـ التعاضد المتين بين العقل والعلم والدين، وأصله جواب عن فتوى وجهت للشيخ سنة (1354هـ) = (1935م)؛ ونصها: «هل الدين فوق العقل والعلم؟ كما يقول غيرنا -غير المسلمين- أو العقل والعلم فوق الدين؟ فيؤدي إلى التحسين والتقبيح العقليين، وهو مذهب اعتزالي.
لقد أشكلت علينا أصول وفروع في الشريعة الإسلامية المطهرة؛ فمنها ما يقتضي أن الشرع المحمدي مبني على الأصل الأول، ومنها ما يقتضي أنه مبني على الثاني؛ أجيبوا مأجورين»([19])، ثم ألقاه محاضرة بمجمع المحاضرات البلدي في مدينة مكناس المغربية، عام 1935م، ثم طبعت بتونس في العام نفسه، ثم صدر في 140 صفحة عن دار ابن حزم، بتحقيق الدكتور محمد بن عزوز، عام 2005م.
وقد أُلِّف الكتابُ في سياق الجدل المثار حول التنافي بين العقل والدين، وهو جدل قديم ظهر مع اتصال المسلمين بالفلسفة اليونانية في العهد العباسي، فخفت حينا، ثم أثير من جديد حين اتصل المسلمون في العصر الحديث بالفلسفة الغربية، ليظهر من المفكرين من يزعم أن بين الدين من جهة والعقل والعلم من جهة أخرى تعارضا وتنافرا، وأن التخلي عن الدين لصالح العقل والعلم هو سبيل النهوض من الانحدار الحضاري الذي هوت فيه أمة المسلمين.
فوضع الشيخ الحجوي هذا المؤلف متوسلا به إلى نقض ادعاء من زعم من «بعض المتفرنجين أن دين الإسلام ضد العقل والعلم»([20])، وإحباط «قول من يرمينا بسهم مسموم، وهو أن ديننا الحنيف هو السبب الأقوى في تأخر المسلمين وبقائهم وراء السابقين»([21]).
وفي سياق انشغال الشيخ الحجوي بنقض هذا الزعم يأتي اهتمامه بكتاب موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول لابن تيمية وتلخيص فكرته والتنويه به في كتاب:
2 ـ تلخيص لكتاب موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول، ومناقشة بعض ما فيه([22])، كذا عَنْونه المؤلف، وهو ليس تلخيصا بالمعنى الفني للكلمة؛ وهو اختصار الكتاب باستيعاب جميع مقاصده في ألفاظ موجزة، مع الاستغناء عما فيه من الحشو والاستطراد والتكرار، فتلخيص كتاب ابن تيمية بهذا المعنى لم يكن من غرض المؤلف.
وإنما كان القصد التنبيه إلى بعض مقاصد الكتاب باختيار مقتطفات من النصوص الدالة عليها، والتي يتطلب الاهتداء إليها والوقوف عليها قراءة فصول طويلة من الكتاب.
وهو تحت الطبع بدار الكتب العلمية في بيروت، بتحقيق الباحث (الحسين بودميع).
3 ـ برهان الحق في الفرق بين الخالق والخلق، وهو –كما وصفه المؤلف في مختصر العروة الوثقى- مفاصلة «بين... الوهابيين والأشعرية...، كاشف للبدع المحدثة، ولما لكل واحد من الفريقين بفكر مستقل غير متحيز»([23])، وذلك في مسألة التوسل بالنبي r، ونسبة بعض ما لم يرد به نص من الكمالات إليه r، صدر عن دار ابن حزم في 128 صفحة، بتحقيق محمد بن عزوز.
4 ـ الدفاع عن الصحيحين دفاع عن الإسلام، وهو رد على بعض من طعن في بعض أحاديث الصحيحين، وادعى فيها الوضع؛ ممن كان يحاضر في الدروس العلمية الرمضانية، التي كانت تلقى في المجالس السلطانية، بحضرة السلطان محمد الخامس /، طبع بدار ابن حزم بتحقيق محمد بن عزوز.
ثانيا: المؤلفات المخطوطة
1ـ رسالة في أصول مذهب الوهابية، وحصر الخلاف بينهم وبين غيرهم، وهي رسالة مختصرة، ذكرها في مختصر العروة الوثقى، وله في المخطوطات المحفوظة بالمكتبة الوطنية بالرباط رسالتان في هذا الموضوع:
ـ إحداهما بعنوان: (رسالة في التنبيه على أصول مذهب الوهابية)، وهي في اثنتين وعشرين (22) ورقة، ورقمها: (114ح)، رقم الميكروفيلم: (041)، وقال معدو فهارس مخطوطات الحجوي تعليقا: «هذه الرسالة لا تزيد عن كونها خاتمة لكتاب المؤلف: (برهان الحق)»([24]).
ولكن للأسف لم يثبتها محقق (برهان الحق) الدكتور محمد بن عزوز في النسخة التي طبعها.
ـ ثانيهما بعنوان: (تقييد في أصول مذهب الوهابية)، وهي في ثلاث (3) أوراق، ورقمها: (115ح)، رقم الميكروفيلم: (042).
2- رسالة في علم رسول الله ع؛ ذكرها في العروة الوثقى بعنوان: (تصحيح مقالة اليوسي في رده على عبد الملك التاجموعتي([25]) القائل بأن علمه ع إحاطي كعلم الله، لا فرق إلا بالحدوث والقدم)، وذكر أنه أيد مقالة اليوسي «بأدلة قطعية من كتاب وسنة وبرهان عقلي، [وقال:] وهي من أنفس ما كتبتُ كحاشية على الرسالتين معا»([26]).
3- دليل إثبات صفات السمع والبصر والكلام لله، ذكره في مختصر العروة الوثقى.
4- دلالة المعجزة هل هي عقلية أو طبْعية، منه نسخة في المكتبة الوطنية، رقم (117ح)، رقم الميكروفيلم (042).
5- أجوبة شافية متعلقة بمذهب الحنابلة في الصفات الإلهية، وهي أجوبة للشيخ عن أسئلة وردته من عالم الحجاز محمد بن حسين إبراهيم. توجد منه نسخة بالمكتبة الوطنية بالرباط، رقم (242ح)، رقم الميكروفيلم (050).
6- تلخيص رسالة الألوسي في التعريف بمذهب الرافضة، وهي عبارة عن ملخص من خمس أوراق، لخص فيه ما كتب به محمود شكري الألوسي من العراق إلى جمال الدين القاسمي بالشام حول مذهب الرافضة عام 1328هـ، ومنه نسخة في المكتبة الوطنية بالرباط، رقم (231ح)، رقم الميكروفيلم (049).
المطلب الثاني: مذهبه العام في العقيدة
كان الشيخ الحجوي شديد التحرر من التقليد، داعية إلى اتباع الدليل، واعتقاد ما قام على صحته قطعي البراهين، ونَبْذِ التعصب لآراء الناس، والجمود على المذاهب؛ فرأيه مائل على العموم إلى التحرر من التمذهب في الأصول كما في الفروع.
إلا أنه نص على سلفية عقيدته، وأنه يعتقد ما قام الدليل اليقيني على صحته؛ فقال /: «وأما عقيدتي فسنية سلفية، اعتقد عن دليل قرآني برهاني ما كان عليه النبي ع وأصحابه الراشدون»([27])، وتقدم قوله: «أما سيدي الوالد، فهو أول من ألقى إلي دروسًا في العقائد السنية السلفية طبق القرآن الكريم».
كما تقدم أنه استفاد من والده الابتعاد عن خلط العقيدة الإسلامية بالخرافات والأوهام، والتفرقة بين اليقينيات المعتقدة بالدليل، وبين الظنيات المجتهد فيها استدلالا واستنتاجا، والتي يقابل فيها فكر المخالف بالاحترام والاعتذار.
ومن نافلة القول التنبيه إلى أنه لا ينبغي فهم انتسابه إلى (العقيدة السلفية) على مقتضى المفهوم الذي أُضفِي على مصطلح "السلفية" في وقتنا الحالي؛ إذ هو اسم يطلق في هذا الوقت على الطائفة التي تتبع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي، المتميزة بسمات منهجية خاصة ومعروفة في باب الاعتقاد والعمل والدعوة.
فإن توجهه الفكري بعيد عن المنهج الوهابي مباعد له من وجوه كثيرة، ومن أوجه ما بين التوجه الفكري للحجوي والتوجه الوهابي من التباعد والتباين:
أولا: أن مسلك المدرسة الوهابية يطبعه الشدة على المخطئ في الفروع والأصول، والإسراع إلى تضليل المخالف في المنهج والرأي الاعتقادي، والدعوة إلى تجاوز التراث الفقهي والاستمداد المباشر من النصوص، واعتبار اجتهادات الحنابلة في أصول الدين هي الممثلة على سبيل الانفراد لما عليه الصحابة والسلف الصالح في عقيدتهم، وأن آراءهم هي وحدها المعبرة عن مذهب أهل السنة والجماعة في الاعتقاد؛ ومن ثم فكل خارج عنها كلا أو جزءا فهو خارج بحسب ذلك عن دائرة أهل السنة والجماعة.
بينما الحجوي يؤمن إلى حد بعيد بالخلاف، وهو مع استقلاله الفكري التام ودعوته إلى فتح باب الاجتهاد والتجديد فمسلكه مناف لمسلك اللامذهبية؛ لأنه –كما قال عن نفسه في الفكر السامي- «مالكي المذهب ما قام دليل»([28])، ويقر بتعدد المدارس الاعتقادية داخل الصف السني؛ ويعد الأشاعرة والحنابلة والماتريدية مذاهب سنية كلها.
ثانيا: أنه يذكر الوهابية أحيانا، ويرد عليهم، وربما نسبهم للغلو؛ كما في قوله: «والقول بمنع التوسل به ؛ في حياته أو بعد مماته قول للوهابية الغلاة، وهو في غاية الشذوذ»([29]).
ثالثا: أن المدرسة الوهابية على عداء شديد مع المتصوفة، والتصوف يقترن في الذاكرة الوهابية اطرادا بالضلال والخرافة والبدعة، وليس كذلك الشيخ الحجوي؛ فإنه يذكر رجال التصوف إذا ذكرهم بعبارات التقدير، ويترضى عنهم، ويستشهد في مواطن من تآليفه بكلامهم؛ كما في قوله: «قال الإمام حجة الإسلام على الأنام أبو حامد الغزالي...»([30])، وقوله: «ولله در الإمام الشاذلي إذ يقول...»([31])، وقوله: «وتلك الوساطة العظمى عبر عنها الإمام ابن مشيش رضي الله عنه»([32])، وقوله: «ولابن الفارض قدس الله سره...»([33])..، إلى غير هذا مما لا يمكن بحال أن يتكلم به سلفي وهابي في حق المتصوفين.
رابعا: أن المذهبية السلفية في صيغتها الوهابية تذهب إلى تضليل وتبديع الأشاعرة، وتصنيفهم خارج دائرة أهل السنة والجماعة، وتعد الانتساب إلى الفكر الأشعري ضربا من الزيغ والانحراف العقدي، وانسلاكا في سلك الفرق الهالكة.
والحجوي في معظم اختياراته العقدية على طريقة الأشاعرة، كما يتبين من تتبع آرائه في العقيدة.
المطلب الثالث: نماذج من اختياراته العقدية.
بالوقوف على اختيارات الحجوي في المسائل الجزئية في العقيدة يتضح أنه لم يخرج عن المذهب العقدي الذي تلقاه عن شيوخه في القرويين ضمن دروس (التوحيد) و(التفسير) و(الحديث)، وهو المذهب الأشعري، وأنه يقصد بالانتساب للسلفية استمداد العقيدة من أصولها الأولى، واعتقاد ما دل عليه القرآن والسنة، وما كان عليه الصحابة والتابعون، واختيار مسلك التفويض عن مسلك التأويل؛ وهما قولان معروفان للأشاعرة في متشابه النصوص.
وهذا جرد لبعض اختياراته العقدية كما في كتابي (التعاضد المتين)، و (برهان الحق):
1- النظر الموصل إلى الإيمان واجب على كل مكلف، «وكل ما هو معتقد لا يُقبل فيه التقليد، بل لا بد من دليل عليه؛ إما عقلي وإما سمعي من كتاب أو سنة؛ فإن التقليد في المعتقدات حرام شرعا مذموم عقلا»([34]).
وإيجاب النظر المفضي لمعرفة الله هو المذهب المختار لدى الأشاعرة؛ فقد نص إمام الحرمين على أن «النظر الموصل للمعارف واجب...؛ فإن قيل: ما الدال على وجوب النظر والاستدلال من جهة الشرع؟ قلنا: أجمعت الأمة على وجوب معرفة الباري تعالى، واستبان بالعقل أنه لا يتأتى الوصول إلى اكتساب المعارف إلا بالنظر، وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب»([35]).
وتحريم التقليد في العقائد في حق من به أهلية النظر هو «القول الحق الذي عليه المعول»([36]) عندهم كما حققه البيجوري في شرح جوهرة التوحيد؛ عند قول الناظم:
فكل من قَلَّد في التوحيد µ إيمانُه لم يَخْلُ من ترديد.
2- لا يجب على المسلم أن يعتقد رأيا من آراء زعماء الطوائف الإسلامية المختلفة، ما لم يقم عليه دليل من نص قطعي أو إجماع صريح([37]).
3- لا يُكَفّر أحد ممن ينتحل شيئا من آراء الطوائف الإسلامية([38]).
4- صفات الله –ما عدا الوجود- وصفات الأنبياء توقيفية؛ لا يستقل العقل بدركها؛ لذا لا نجرؤ على وصف الباري تعالى أو أحد من أنبيائه إلا بوصف ورد به نص صريح من كتاب أوسنة متواترة، أو أجمع عليه المسلمون إجماعا قوليا لا ادعائيا، ولا ننفي من ذلك إلا ما هذا سبيله([39]).
5- لا نثبت لله صفة الإدراك، وهو - عند من يثبته كالباقلاني وإمام الحرمين -: صفة قديمة قائمة بذات الباري تعالى يتأتى بها إدراك الملموسات والمشمومات والمذوقات؛ لأن من يثبته إنما أثبته عن طريق القياس على الخلق لكون ذلك كمالا فيهم، وصفات الله لا تثبت عند الشيخ الحجوي بالقياس، بل هي توقيفية([40]).
ونفي صفة (الإدراك) أحد أقوال ثلاثة للأشاعرة: النفي، والإثبات، والوقف؛ كما في جوهرة التوحيد:
فهل له إدراك أو لا خُلْف µ وعند قوم صح فيه الوقف
6- لا تثبت صفات الله وصفات الرسل بما دون القطعي من الأدلة؛ فكل «ما كان من صفات الباري أو صفات الرسل عليهم السلام لا يجوز الاكتفاء فيه بالدلائل الظنية، بل لا بد من النصوص القطعية»([41]) والآحاد –ولو في الصحيحين- لا يفيد سوى الظن الراجح([42]).
وعدم الأخذ بأخبار الآحاد في باب الصفات هو المعروف من مذهب الأشاعرة؛ كما نص عليه إمام الحرمين في الإرشاد، وغيره؛ جاء في أساس التقديس للرازي: «أخبار الآحاد مظنونة، فلم يجز التمسك بها في معرفة الله تعالى وصفاته»([43]).
7- الحجوي على رأي أئمة الأشاعرة؛ كالجويني وغيره في تقسيم العقائد حسب مداركها إلى أقسام ثلاثة:
* ما يدرك بالعقل وحده، ولا سبيل إلى إدراكه بالسمع؛ كوجود الباري سبحانه..
* ما يدرك بالعقل والنقل معا؛ كمخالفته سبحانه للحوادث وغناه المطلق..
* ما يدرك بالسمع وحده، ولا سبيل إلى إدراكه بالعقل، ولكن العقل لا يحيله ولا يدفعه؛ كسمعه سبحانه وبصره وكلامه.. ([44]).
8- يجب تنزيه الباري تعالى عن الجهة، كما أوجبته الأشعرية، وقد حمل الحجوي حديث الجارية الدال بظاهره على إثبات الجهة لله على أن النبي ع إنما قبل جوابها لقصورها عن درك مقتضى تنزيه الله عن الكون في أي جهة؛ فقال: «فإذا وجد قاصر العقل ضيق الفكر، لا قدرة له على فهم هذه العقيدة، واعتقد الجهة فإنه معذور بالعجز، كما وقع للأَمَة التي سألها النبي ع: "أين الله؟" فقالت: في السماء؛ فقبل إسلامها»([45]).
9- ما دلت عليه ظواهر بعض النصوص من تشبيه الله بالخلق؛ كالاستواء والفوقية الحسية والنزول والمعية الذاتية والجوارح... يجب نفيه عن الله تعالى، وترجيح نصوص التنزيه على نصوص التشبيه، ثم للمعتقد أن يفوض معاني الظواهر المفيدة للتشبيه أو يؤولها حسب مشربه([46])، وهذا عين مذهب الأشاعرة؛ كما نظمه صاحب الجوهرة في قوله:
وكل نص أوهم التشبيها µ أوله أو فوض ورم تنزيها.
وإن كان ميل الحجوي إلى ترجيح التفويض كما سيأتي.
10- لا نثبت ولا ننفي أن الله يتكلم إذا شاء متى شاء([47]).
11- لا يجوز إثبات الحرف والصوت لكلام الله؛ فقد تبرأ إلى الله «من تمحل بعض المحدثين، وجمودهم حيث قالوا: إنه متكلم إذا شاء بكلام ذي حروف وأصوات» ([48]).
ومن المعلوم من مذهب الأشاعرة «أن كلام الله تعالى ليس بحرف ولا صوت؛ لأن الحرف والصوت يتضمنان جواز التقدم والتأخر، وذلك مستحيل على القديم سبحانه»([49]).
12- الاشتغال ببعض مباحث أهل الكلام؛ مثل: تماثل الأجسام، وبقاء الأعراض وانتقالها، وهل هناك خلاء، وفي وجود الجوهر الفرد، وكون الموجود منحصرا في الجسم والعَرَض، أو هناك ما يسمى بالمجردات إلى غير ذلك؛ إنما هو هدر لنفائس الأوقات من غير طائل([50]).
13- الأولى الكف عن تأويل نصوص الصفات، والتوقف عن الخوض فيها، وتفويض معانيها([51])، وهو أحد القولين المعروفين للأشاعرة.
14- لا أثر لقدرة الإنسان في أفعاله؛ إذ «لا مشارك لله في أفعاله؛ وهذا معنى لا إله إلا الله، فلا تأثير لمخلوق مع قدرة الخالق...، وإنما للعبد الكسب، وهو القدرة الحادثة التي لا يقدر بها، وإنما يتوجه إليها التكليف، أو يقدر بها بإقدار الله ومشيئته، خلافا للمعتزلة القائلين: إن العبد يخلق أفعاله استقلالا»([52])، وهذا تقرير لمسألة خلق الأفعال على طريقة الأشاعرة، كما هو معروف.
15- لا يتصور تعارض بين دليلين قطعيين؛ سواء كانا عقليين، أو نقليين، أو أحدهما عقلي والآخر نقلي([53]).
16- لا ضير في القول بأن الله خارج العالم، ولكن الأولى أن نقول: إن السلف لم يخوضوا في ذلك بنفي ولا إثبات، فليسعنا ما وسعهم([54]).
17- عصمة الرسل في كل أحوالهم واجبة؛ فنبينا r -ككل الرسل- «معصوم من المخالفة في كل أحواله الظاهرة والباطنة»([55]).
18- رسولنا r أفضل الرسل، وهو أفضل من الملائكة؛ ففي القرآن مآخذ كثيرة تربو عن العشرين كلها «دالة على أفضليته على كافة الخلق r...، وبالجملة فأفضليته على جميع الخلق أمر معلوم من ديننا»([56]).
19- جواز التوسل إلى الله بالنبي r؛ «والقول بمنع التوسل به u في حياته أو بعد مماته قول للوهابية الغلاة، وهو([57]) في غاية الشذوذ»([58]).
20- لا يجوز الثناء على رسول الله r بما لم يرد به نص ثابت؛ لأن «أوصافه وما ينسب إليه من الكمالات هو توقيفي لا مجال للرأي فيه...؛ [خلافا لمن] يقول: إنه u موصوف بكل كمال سوى الألوهية، فانسب له جميع ما شئت وما يخطر بباك من الكمالات سواها...، لقول البوصيري:
دع ما ادعته النصارى في نبيهم *** واحكم بما شئت فيه مدحا واحتكم»([59]).
خاتمة
كان تخليص الأفكار والعقائد مما شابها من الأوهام والخرافات، والدفاع عن عقيدة الإسلام النقية ضد الأفكار الدخيلة من مداخل الإصلاح الهامة التي استأثرت باهتمامات الشيخ الحجوي الإصلاحية؛ فقد كرس جانبا هاما من نشاطاته تأليفا ومحاضرة وتدريسا لهذا الغرض، وبإلقاء نظرة في مؤلفاته، وموضوعات خطبه ومحاضراته([60])، يتبين مدى حضور إصلاح العقيدة والفكر في اهتماماته الإصلاحية؛ وقد كان منهجه في إصلاح هذا الجانب من حياة الناس –كما يتبين مما سبق- يستند إلى مبادئ يؤطرها اعتماد الدليل اليقيني، والتحرر من التقليد، والتركيز على البعد الوظيفي للعقيدة؛ ومن معالم هذا المنهح:
1ـ استمداد العقائد من قطعي الأدلة النقلية والعقلية.
2ـ التفريق بين اليقينيات التي يجب اعتقادها، والظنيات التي يدخلها الاجتهاد، ويقابل فيها رأي المخالف بالتقدير والاعتذار، والأوهام والخيالات التي يجب اطّراحها وتنقية الأفكار والعقائد منها.
3ـ الاهتمام بالبعد الوظيفي للعقيدة، بما يجعلها ركيزة للترقي بالمسلمين فكريا وحضاريا؛ والحذر من قتل نفائس الأوقات في الجدل حول ما لا عمل تحته من مسائل علم الكلام.
4ـ نبذ التقليد في العقائد، واعتماد النظر العقلي في آيات الأنفس والآفاق بما يوصل المعتقِد إلى برد اليقين.
5ـ إخلاص التوحيد بالتفريق بين ما للخلق وما للخالق؛ لتنزيه الخالق عن مشابهة الخلق، والحذر من إضافة ما للخالق من خصائص الربوبية للمخلوقين.
6- اطّراح مسلك تكفير المخالف من المسلمين؛ مهما كان رأيه، ما لم يجاهر بنبذ الإسلام ومفارقته.
قائمة المصادر والمراجع
& إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، لعبد السلام بن عبد القادر بن سودة، تحقيق: محمد حجي، ط. دار الغرب الإسلامي، الطبعة.1، (1417هـ/1997م).
& الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، تعليق: زكرياء عميرات، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة.2، (2016م).
& أساس التقديس، للإمام فخر الدين الرازي، دراسة وتحقيق: الدكتور عبد الله محمد عبد الله إسماعيل، ط. مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، (1435هـ/2014م).
& برهان الحق في الفرق بين الخالق والخلق، لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي، تحقيق: محمد بن عزوز، ط. دار ابن حزم، بيروت، الطبعة.1، (1432هـ/2011م).
& التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين: من 1900 إلى 1972، للشيخ عبد الله بن العباس الجراري، ط. مكتبة المعارف، الرباط، الطبعة.1، (1985م).
& التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، لأبي المظفر طاهر بن محمد الإسفراييني، تحقيق: كمال يوسف الحوت، ط. عالم الكتب، بيروت، الطبعة.1، (1983م).
& تحفة المريد على جوهرة التوحيد، لإبراهيم البيجوري، ط. دار السلام، القاهرة، الطبعة.1، (1422هـ/2002م).
& تراجم ستة من فقهاء العالم الإسلامي، لعبد الفتاح أبي غذة، ط. دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة.1، (1417هـ/1997م).
& التعاضد المتين بين العقل والعلم والدين، لمحمد الحجوي الثعالبي، تحقيق محمد بن عزوز، ط. دار ابن حزم، بيروت، الطبعة.1، (1425هـ/2005).
& تلخيص لكتاب موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول لابن تيمية، ومناقشة بعض ما فيه؛ مخطوطة محفوظة بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، تحت رقم (117ح)، رقم الميكروفيلم: (042).
& طلعة المشتري في النسب الجعفري، لأحمد بن خالد الناصري، ط. المؤسسة الناصرية للثقافة والعلم، سنة (1407هـ/1986م)، مصورا عن طبعة فاس الحجرية.
& الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي، ط. مطبعة إدارة المعارف، الرباط، (1340هـ).
& فهرس المخطوطات العربية، المحفوظة بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، المجلد الثامن، مجموعة محمد الحجوي، (حرف الحاء)، من منشورات المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، الطبعة.1، (2008-2009).
& كتاب الأعلام، لخير الدين الزركلي، ط. دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة.15، (2002).
& لسان العرب، لابن منظور الإفريقي.
& مختصر العروة الوثقى في مشيخة أولي العلم والتقى، لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي، تحقيق محمد بن عزوز، ط. دار ابن حزم، بيروت، الطبعة.1، (1424هـ/2003م).
& المعجم الوسيط، لإبراهيم أنيس وآخرين.
[1] استفيدت هذه الترجمة من:
* كتاب: "الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي"، للمؤلف، ط. مطبعة إدارة المعارف، الرباط، (1340): 4/199، وما بعدها. حيث ترجم لنفسه في آخره، جاعلا ترجمته في آخر تراجم المتأخرين من فقهاء المذاهب الأربعة؛ تيمنا وتفاؤلا أن ينسلك في زمرتهم؛ قال: «وسأختم تراجم الفقهاء بترجمتي؛ تفاؤلا أن أعد منهم، وأدخل زمرتهم، وأجتمع بهم ولو في هذا المختصر». وهو المصدر الأساسي لمعظم مادة الترجمة.
* كتاب "مختصر العروة الوثقى في مشيخة أولي العلم والتقى، له، ط. دار ابن حزم، بيروت، الطبعة.1، (1424هـ/2003م)، ص: 21، فما بعدها إلى آخر الكتاب.
* كتاب الأعلام، لخير الدين الزركلي، ط. دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة.15، (2002): 6/96.
* كتاب: إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، لعبد السلام بن عبد القادر بن سودة، تحقيق: محمد حجي، ط. دار الغرب الإسلامي، الطبعة.1، (1417هـ/1997م): 2/560.
* كتاب التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين: من 1900 إلى 1972، للشيخ عبد الله بن العباس الجراري، ط. مكتبة المعارف، الرباط، الطبعة.1، (1985م)، ص: 138-141.
* كتاب "تراجم ستة من فقهاء العالم الإسلامي"، لعبد الفتاح أبي غذة، ط. دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة.1، (1417هـ/1997م)، ص: 137-215.
[2] كتب في تحقيق هذا النسب الشيخ أحمد بن خالد الناصري صاحب كتاب (الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى) مؤلفا مفردا سماه: (طلعة المشتري في النسب الجعفري)، وهو مطبوع، نشرته المؤسسة الناصرية للثقافة والعلم، سنة (1407هـ/1986م)، مصورا عن طبعة فاس الحجرية.
[3] الفكر السامي: 4/200.
[4] نفسه: 4/201.
[5] نفسه: 4/203.
[6] نفسه.
[7] نفسه.
[8] نفسه: 4/201.
[9] نفسه.
[10] نفسه: 4/201.
[11] قاله ابن عاشور في صدر تقريظه لكتاب "الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي"، الذي كتب به للمؤلف في 5 ربيع الثاني سنة 1348، وأثبته المؤلف في آخر الكتاب: 4/340.
[12] التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين، ص: 138-141.
[13] نفسه، ص: 138.
[14] نفسه.
[15] (الحُلاحِلُ) من كل شيء: التامُّ الكامل، وهو في الرجال: السيد في عشيرتِهِ، والشجاعُ الركِينُ في مجلسه، ومنه: قول امرئ القيس: القاتلِين المَلِكَ الحُلاحِلا µ خيرَ مَعَدٍّ حَسَبا ونائلا.
وقول آخر في مكة: وعَرْبَةُ أرضٌ ما يُحِلُّ حَرامَها µ منَ الناسِ إلاَّ اللَّوْذَعِيُّ الحُلاحِلُ.
يَعْني النبيَّ r. انظر: لسان العرب، والمعجم الوسيط، مادة: (حلل).
[16] قاله بمناسبة تقريظه لكتاب: "الفكر السامي"، الذي كتب به للمؤلف في 9 ذي القعدة 1349، وأثبته في آخر الكتاب: 4/346.
[17] إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع: 2/560.
[18] الفكر السامي: 4/188.
[19] التعاضد المتين بين العقل والعلم والدين، تحقيق محمد بن عزوز، ط. دار ابن حزم، بيروت، الطبعة.1، (1425هـ/2005)، ص: 23.
[20] نفسه، ص: 59.
[21] نفسه، ص: 20.
[22] له نسخة مخطوطة واحدة محفوظة بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، تحت رقم (117ح)، رقم الميكروفيلم: (042).
[23] محمد بن الحسن الحجوي، "مختصر العروة الوثقى"، ص: 127.
[24] فهرس المخطوطات العربية، المحفوظة بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، المجلد الثامن، مجموعة محمد الحجوي، (حرف الحاء)، من منشورات المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، الطبعة.1، (2008-2009)، ص: 132.
[25] كتاب أبي مروان عبد الملك بن محمد التاجموعتي السجلماسي المتوفى سنة (1118هـ)، الذي تكلم فيه على علم النبي ع هو: (ملاك الطلب في جواب أستاذ حلب)، له مخطوطة من 12 ورقة، محفوظة بالمكتبة الوطنية بالرباط، رقم (115ح)، رقم الميكروفيلم: (042).
ولرد أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي المتوفى سنة (1102هـ) نسخة مخطوطة محفوظة بالمكتبة الوطنية في الرباط، رقم (115ح)، رقم الميكروفيلم (042)، بعنوان: (رد على رسالة ملاك الطلب للتاجموعتي).
[26] محمد بن الحسن الحجوي، "مختصر العروة الوثقى"، ص: 128.
[27] الفكر السامي: 4/200.
[28] الفكر السامي: 4/201.
[29] برهان الحق في الفرق بين الخالق والخلق، تحقيق: محمد بن عزوز، ط. دار ابن حزم، بيروت، الطبعة.1، (1432هـ/2011م)، ص: 57.
[30] نفسه، ص: 19-20.
[31] نفسه، ص: 35.
[32] نفسه، ص: 50.
[33] نفسه، ص: 37.
[34] نفسه، ص: 72.
[35] الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، تعليق: زكرياء عميرات، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة.2، (2016م)، ص: 9-10.
[36] تحفة المريد على جوهرة التوحيد، ط. دار السلام، القاهرة، الطبعة.1، (1422هـ/2002م)، ص: 77.
[37] التعاضد المتين، ص: 96.
[38] نفسه.
[39] نفسه، ص: 96-97، وبرهان الحق، ص: 73.
[40] التعاضد المتين، ص: 98.
[41] برهان الحق، ص: 78.
[42] التعاضد المتين، ص: 30.
[43] أساس التقديس، للإمام فخر الدين الرازي،، دراسة وتحقيق: الدكتور عبد الله محمد عبد الله إسماعيل، ط. مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، (1435هـ/2014م)، ص: 305.
[44] التعاضد المتين، ص: 44-45.
[45] نفسه، ص: 52.
[46] نفسه، ص: 53.
[47] نفسه، ص: 98.
[48] نفسه.
[49] أبو المظفر الإسفراييني، "التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين"، تحقيق: كمال يوسف الحوت، ط. عالم الكتب، بيروت، الطبعة.1، (1983م)، ص: 167.
[50] التعاضد المتين، ص: 99.
[51] نفسه، ص: 100.
[52] برهان الحق، ص: 19.
[53] التعاضد المتين، ص: 35-36.
[54] تلخيص لكتاب موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول لابن تيمية، ومناقشة بعض ما فيه؛ مخطوطة محفوظة بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، تحت رقم (117ح)، رقم الميكروفيلم: (042)، ورقة رقم: 72.
[55] برهان الحق، ص: 38.
[56] نفسه، ص: 47.
[57] في الأصل: (منهم في غاية الشذوذ)، ولعله خطأ مطبعي.
[58] برهان الحق، ص: 57.
[59] نفسه، ص: 47.
[60] توجد نسخ مخطوطة من خطبه ومحاضراته في الخزانة العامة بالرباط، وبعض محاضراته تطورت كما سلف إلى مؤلفات، وقد طبع بعضها.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقا تراه مشجعا أو مفيدا