القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المنشورات

منكرو خروج المسيح الدجال ومؤولته في العصر الحديث ومستنداتهم عرض ونقد (Denying the emergence of the Antichrist In the modern era)

 




منكرو خروج المسيح الدجال ومؤولته

 في العصر الحديث ومستنداتهم

عرض ونقد

(Denying the emergence of the Antichrist In the modern era)

بقلم: د. الحسين بودميع

اتفقت كلمة أهل السنة والجماعة وعامة المسلمين على أن خروج الدجال في آخر الزمان حق يجب اعتقاده، وجعله أئمة أصول الدين جزءا من عقيدة المسلمين. 

ففي كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة «وخروج الدجال، ويأجوج ومآجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى عليه السلام من السماء، وسائر علامات يوم القيامة على ما وردت به الأخبار الصحيحة، حق كائن»([1]).

وعد الإمام أحمد بن حنبل من أصول السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ولم يؤمن بها لم يكن من أهلها: «الإيمان أن المسيح الدجال خارج مكتوب بين عينيه كافر، والأحاديث التي جاءت فيه، والإيمان بأن ذلك كائن وأن عيسى بن مريم عليه السلام ينزل فيقتله بباب لد»([2]).

وحكى أبو الحسن الأشعري في مقالاته أن من جملة ما عليه أهل الحديث والسنة: أنهم «يصدقون بخروج الدجال، وأن عيسى بن مريم يقتله»([3]).

وقال الطحاوي في مختصره الذي بين فيه «عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي وأبي يوسف يعقوب ابن إبراهيم الأنصاري وأبي عبدالله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين وما يعتقدون من أصول الدين»([4]) قال فيه: «ونؤمن بأشراط الساعة: من خروج الدجال، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء»([5]).

وقد قرروا أن خروج الدجال حقيقة غيبية يجب التصديق بها بناء على ما تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإخبار بخروجه والتحذير من فتنته.

والحكم بتواتر أحاديث الدجال متواتر عن أئمة الحديث ونقاده؛ وممن جزم بتواترها: الذهبي، وابن كثير، والشوكاني، ومحمد بن جعفر الكتاني، وعبد الفتاح أبو غدة، والشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد، والشيخ الألباني..، بل إن هذا الأخير حكى: «اتفاق أهل العلم بالحديث وحفاظه على تواتر حديث الدجال»([6]).

فقد أكد ابن كثير أنه «تواترت به الأخبار من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم»([7]).

وقال في موضع آخر: «قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي: والاستعاذة من الدجال متواترة»([8]).

وقال الشوكاني في رسالته (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح).بعد أن أورد فيها مئة حديث في الدجال؛ قال: «وليس المراد هنا إلا بيان كون أحاديث خروج الدجال متواترة، والتواتر يحصل ببعض ما سقناه»([9]).

وقال محمد بن جعفر الكتاني: «الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، وكذا الواردة في الدجال»([10])

وقال عبد الفتاح أبو غدة في تحقيقه لكتاب الكشميري (التصريح بما تواتر في نزول المسيح) تعليقا على حديث النواس بن سمعان في خروج الدجال: «والدجال المتحدث عنه هنا هو الدجال الأكبر، وقد تواترت الأحاديث الصحيحة بخروجه، حتى أصبح خروجه من اليقينيات المقطوع بها»([11]).

وأكد الشيخ الألباني أنه على يقين «بتواتر أحاديث الدجال وعيسى»([12]).

وقال الشيخ عبد الرزاق العباد: «لقد تواترت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروج المسيح الدجال في آخر الزمان»([13]).

ومع صحة الخبر –بل تواتره- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحقيقة خروج الدجال؛ فإن بعض الطوائف من القرآنيين ومن التيار المعروف بتغليب النظر العقلي على الدليل السمعي في تقرير العقائد قديما وحديثا يأبى التسليم بعقيدة خروج الدجال.

والنافون لحقيقة المسيح الدجال صنفان: صنف ينكر الدجال وظهوره كلية، ويرد الأحاديث الواردة في شأنه، وصنف يؤول أحاديثه بما لا يأباه عقله.

وفي هذة المقالة عرض ونقد لآراء وحجج الفريقين، وهو مؤلف من ثلاثة محاور:

أولها: في مسلك المنكرين لأحاديث الدجال.

وثانيها: في مسلك مؤليها

وثالثها: في موقف محمد رشيد رضا من أحاديث الدجال.

 

المحور الأول: منكرو الدجال وحججهم

المنكرون لأحاديث الدجال هم كل من ينكر حجية السنة مطلقا من القرآنيين، أو ينكر حجية الآحاد منها مطلقا، أو لا يدين بحجيتها في باب العقائد خاصة، ولا يرى ما ورد من أخبار الدجال بالغا مبلغ التواتر؛ وممن سلك مسلك الإنكار المطلق لأحاديث الدجال:

أولا: فرقة الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة؛ قال الحافظ ابن كثير: «وقد أنكرت طوائف كثيرة من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة خروج الدجال بالكلية، وردوا الأحاديث الواردة فيه»([14])، ورأيهم هذا منبثق عن أصلهم في إنكار الاحتجاج بأخبار الآحاد مطلقا؛ لأن من «منكري الاحتجاج بأحاديث الآحاد كلها .. الخوارج .. والمعتزلة والجهمية»([15])، وأحاديث الدجال عندهم تقصر عن رتبة التواتر، ويشبه أن يكون رأي المعتزلة والجهمية في ذلك راجعا أيضا إلى أصلهم في تغليب النظر العقلي على الدليل النقلي في تقرير العقائد؛ وواضح «أنه ليس للبحث العقلي أي سبيل إلى تحليل شخصية [الدجال] .. إذ إن المنفذ العقلي الوحيد إلى فهم أي شيء عنه إنما هو الخبر اليقيني، ولولا ورود هذا الخبر لما تصورنا وجوده أصلا فضلا عن اعتقاده، والإيمان بظهوره»([16]).

ثانيا: بعض العقلانيين المعاصرين من أفراخ المعتزلة المتأثرين بالفكر الاستشراقي:

1- ومنهم محمود أبو رية في كتابه: (أضواء على السنة المحمدية)؛ فقد أورد فيه أحاديث استشكلها، لما بدا له من التعارض بين رواياتها؛ ومنها أحاديث الدجال؛ التي ساق طائفة منها، ثم قال: «وهناك أحاديث أخرى عن هذا الدجال أعرضنا عن ذكرها وكلها مرفوعة إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] ..ولكي يُمَكِّنوا لهذه العقيدة في عقول المسلمين، أوردوا حديثا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بأن (من كذب بالمهدي فقد كفر، ومن كذب بالدجال فقد كفر)([17])»([18])؛ فقوله: "ولكي يمكنوا لهذه العقيدة في عقول المسلمين.." يفيد أنه لا يؤمن هو بهذه العقيدة.

ولم يسند دعواه بأي دليل سوى دعوى التعارض بين أخبار الدجال، وقد مر بك خطأ هذا المسلك في رد النصوص بدعوى تعارضها في مبحث مناقشة منكري أحاديث المهدي.

ويظهر من قوله: (أوردوا حديثا عن النبي [صلى الله عليه وسلم] بأن (من كذب بالمهدي فقد كفر، ومن كذب بالدجال فقد كفر) أنه ما أخلص في بحثه، ولا صدق فيما كتب؛ فإضماره الفاعل في قوله: (أوردوا) يوهم أن أئمة أهل السنة يضعون من الروايات عمدا ما يتوصلون به لترسيخ عقائدهم في عقول المسلمين، وهي تهمة تلقفها من أساتذته المستشرقين.

والأمانة العلمية تقتضي منه أن يسمي الذي أورد هذا الحديث، ويحدد أين أورده؟ في أي كتاب؟ وأي باب؟

ولو راجع أقوال المحدثين النقاد -المؤمنين بعقيدة الدجال- في الحديث الذي زعم أنهم أوردوه للغرض المذكور، لوجد أنهم لا يختلفون في رده والقضاء بوضعه، والتبرؤ من واضعه.

2- وممن أنكره أيضا من المعاصرين محمد فريد وجدي صاحب دائرة معارف القرن العشرين؛ إذ اعتبر جميع الأحاديث الواردة في الدجال موضوعة؛ فبعد أن أورد في مادة (مسخ) من دائرته (26. حديثا) في الدجال؛ بعضها في الصحيحين معا أو في أحدهما، وبعضها في السنن ومسند أحمد وغيرها؛ قال معلقا عليها: «إن الذي يلقي بصره على هذه الأحاديث يدرك لأول وهلة أنها من الكلام الملفق الذي يضعه الوضاعون، وينسبونه للنبي صلى الله عليه وسلم، لمقاصد شتى: إما لإفساد عقائد الناس، أو لتصغير شأن النبي صلى الله عليه وسلم في نظر أهل النقد..»([19])

ثم استدل لوجهة نظره هذه بأربعة مستندات قال إنها "لا تقبل المناقشة":

«(أولها): أنه [أي ما ورد في شأن الدجال] أشبه بالأساطير الباطلة؛ فإن رجلا يمشي على رجْلين، يطوف البلاد، يدعو الناس لعبادته، ويكون معه جنة ونار يلقي فيهما من يشاء، كل هذا من الأمور التي لا يسيغها العقل، والنبي أجل من أن يأتي بشيء تنقضه بداهة النظر، وإلا فما هي جنته؟ وما هي ناره اللتان تتبعانه حيث سار؟ هل هما مرئيان أو خياليان..؟

 (ثانيها): كيف يعقل أن رجلاً أعور مكتوب على جبهته كافر، يقرأها الكاتب والأمي على السواء، يقوم بين الناس فيدعوهم لعبادته، فتروج له دعوة أو تسمع له كلمة؟ أي إنسان بلغ به الانحطاط العقلي إلى درجة يعتقد فيها بألوهية رجل مشوه الخلقة، مكتوب في وجهه كافر بالأحرف العريضة؟ وأي جيل من أجيال الناس تروج فيهم مثل هذه الدعوة..؟

(ثالثها) لماذا لم يذكر في القرآن عن هذا المسيح الدجال شيئا مع خطورة أمره وعظم فتنته كما تدل عليه تلك الأحاديث الموضوعة؟ فهل يعقل أن القرآن يذكر ظهور دابة الأرض ولا يذكر ظهور ذلك الدجال الذي معه جنة ونار يفتن بهما الناس؟

 (رابعها) أن كون هذه الأحاديث موضوعة يعرف بالحس من الحديث الطويل الذي نسب إلى النواس بن سمعان ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو الحديث الذي ينبئ أن الدجال يخرج من خلة بين الشام والعراق، ويعمل الأعاجيب، ثم يدركه عيسى فيقتله، ثم يؤمر عيسى بأن يعتصم بالطور هربا من قوم لا قدرة عليهم وهم يأجوج ومأجوج [فساق قصتهم إلى أن قال:] فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد اللّه عليهم نشابهم مخضوبة دما... أن تنظر إلى تركيب هذه القصة نظر منتقد، لا يخطر ببالك شك في أنها موضوعة، وقد وضعها واضع لا يفرق بين الممكن والمستحيل، وبين سنن اللّه وما تولده الخيالات من الأباطيل، ولكن الدليل الحسي على بطلان هذا الحديث أن واضعه لقصر نظره خيل له أن أسلحة الناس لن تزال القسي والسهام والنشاب والجعاب حتى تقوم الساعة، ولم يدرك أنه لن يمر على وضع هذا الحديث نحو سبعة قرون حتى يوجد البارود والبنادق، ولم تمر ستة قرون أخرى حتى لم يكن للقوس والنشاب ذكر، وقام مقامه مدافع الماكسيم وقنابل اليد والشرنبيل والأدخنة السامة والغازات الملتهبة والديناميت الذي يتساقط من الطيارات»([20]).

هذه هي "أدلته" التي "لا تقبل المناقشة" في أن ما ساقه من أحاديث الدجال "من الكلام الملفق الذي يضعه الوضاعون" على النبي صلى الله عليه وسلم؛ وفيها أحاديث اتفق البخاري ومسلم على تخريجها.

 وقد ظننت إذ قرأتُ زعمه أن سيوهنها من "أوجه عدة لا تقبل المناقشة" أنه سيورد أسانيدها وينتقدها على ضوء القواعد العلمية التي وضعها علماء الحديث لنقد الروايات؛ فيسمي مَنْ في أسانيدها من "الوضاعين" و "الكذابين"، ويعين من تولى "وزر وضعها" على النبي صلى الله عليه وسلم، ويستدل على ذلك، أو يفعل ما يوصَى به المقصر في فن من اللجوء إلى سؤال "أهل الذكر" من أبناء بجدته، إن لم يأنس من نفسه الرشد العلمي لنقدها بنفسه؛ فيسمي لنا مَن من العلماء المتخصصين في علم الحديث حكم على هذه الأحاديث بالوضع؟ وما سبب الحكم عليها بذلك؟ ولكنه لم يفعل شيئا من هذا، بل اكتفى بمحاكمة الأحاديث التي أجمع نقاد الحديث على ثبوتها بآرائه وعقله؛ منطلقا من مبدأ قياس الغائب على الشاهد، ومحاكمة الخوارق الخارجة عن العادة بمقياس نواميس الطبيعة المعتادة، وهي آفة كل من يرد أحاديث أشراط الساعة بدعوى منافاتها للعقل، مع تسليمهم بقطعية ثبوت القرآن، وفيه من نظائر هذه الأحاديث أخبار كثيرة؛ كخروج الدابة، وياجوج وماجوج.

ولست أفهم كيف اتسع عقل (وجدي) للتصديق بخروج دابة من الأرض تكلم الناس، ولم يتسع للتصديق بظهور "رجل يمشي على رجْلين يطوف البلاد يدعو الناس لعبادته ويكون معه جنة ونار يلقي فيهما من يشاء"، ولو اعترض متجرئ على هذه النبوءة القرآنية: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ)([21]) بمثل هذه الاعتراضات (الوجدية) من أنها "لا يسيغها العقل"، والله تعالى "أجل من أن يأتي بشيء تنقضه بداهة النظر"؛ فبم سيجيبه كاتبنا وهو المسَلِّم بصدق القرآن؟ أفيكون ذلك دليلا على عدم أصالة هذه الآية؟

أما استبعاده أن تروج دعوة الدجال على الناس وهو "رجل مشوه الخلقة مكتوب في وجهه كافر"، ونفيه أن يوجد "إنسان بلغ به الانحطاط العقلي إلى درجة يعتقد فيها بألوهيته"، فهو تغافل عن واقع العقائد الدينية لدى المجتمعات البشرية، الذي حكى هو نفسه كثيرا من فصوله في (دائرته)؛ كيف يُستعبد أن يوجد في الأجيال البشرية من سيؤله الدجال، وقد كان منهم - ولا يزال- من يؤلِّه الحجر والشجر، والحيوان؛ وها هو الفيلسوف الهندي الشهير، محرر الهند من الاحتلال البريطاني: (مهاتما غاندي) لم يعصمه "رقيه الفكري" من تأليه مخلوق عاجز كالبقر؛ فيعلن بوضوح: «عندما أرى بقرة لا أعدنى أرى حيوانا؛ لأنى أعبد البقرة، وسأدافع عن عبادتها أمام العالم أجمع»([22])؛ بل إن من المجتمعات البشرية الآن من يؤله الفئران ويبني معابد خاصة لعبادتها([23]).

أفيستبعد في حق مثل هؤلاء أن يؤلهوا الدجال؟

أما وسم الدجال بكتابة لفظ الكفر بين عينيه، فقد صرح الحديث بأنه لا يقرؤه إلا المؤمن، وقد أخفى الكاتب هذا في مخالفة واضحة لما يتطلبه التجرد في البحث؛ فقال: "يقرأها الكاتب والأمي على السواء"، ليوهم القارئ أن الحديث يفيد أن كل الناس يقرؤه، ليتسنى له أن يعترض عليه باستحالة أن يتبع الدجالَ أحدٌ وهو يقرأ بين عينيه (كافر).

أما عدم ورود ذكر الدجال في القرآن، فليس من شرط ثبوت العقيدة ورود دليلها فيه؛ فإن ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أخبر به الله، و«كل شيء جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس في القرآن فهو مثل ما لو جاء في القرآن لعموم قوله: (أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)»([24])، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من قوم يأتون يدعون إلى الاقتصار في استمداد عقائد الدين وأحكامه على القرآن؛ فقال: «أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ»([25]).

أما قدحه في حديث النواس بن سمعان –وهو مخرج في صحيح مسلم- بما ذكر فيه من "أن أسلحة الناس لن تزال القسي والسهام والنشاب.."، والحال أن تلك الأسلحة البدائية الآن أصبحت في خبر كان "وقام مقامها مدافع الماكسيم وقنابل اليد والشرنبيل.."، واتخاذه ذلك "دليلا حسيا على بطلان هذا الحديث"، فاستدلال لا يَسْلم له إلا بأن يقيم دليلا على أن هذه الأسلحة المتطورة التي بأيد الناس الآن ستستمر إلى ما قبل يوم القيامة، وهو ما لا سبيل إليه، لأن مستقبل البشرية غيب ولا يعلم الغيب إلا الله؛ أما المؤمن الذي يصدق بما يبلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند صحيح، فيجب أن يستدل بهذا الحديث ونظائره مثل ما في صحيح مسلم أن المسلمين إذا انتهوا من فتح القسطنطينية قبيل خروج الدجال «عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ»([26]) وما عند مسلم أيضا من قوله صلى الله عليه وسلم في قضاء عيسى على الدجال: «وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ»(379)

 يجب أن يستدل به على أن أوضاع الناس وأساليب حياتهم وأدواتهم لن تستمر على ما هي عليه الآن إلى يوم القيامة، وانهيار المدنية الحديثة ليس بالأمر الممتنع، وما من سند في العلم ولا في الدين يجعل عودة الناس إلى الأساليب البدائية في الحياة مستحيلا، ثم لو سلمنا جدلا بحكمه على حديث النواس هذا بالوضع، أفيصح ذلك مستندا "لا يقبل المناقشة" لأن يحكم على جميع أحاديث الدجال بالوضع؟ في قوله: "إن كون هذه الأحاديث موضوعة يعرف بالحس من الحديث الطويل الذي نسب إلى النواس بن سمعان"، متى كان ورود حديث موضوع في مجال دليلا على وضع كل ما ورد فيه من الأحاديث؟ هل يصح مثلا أن نحكم على جميع الأحاديث الواردة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالوضع إذا وجدنا بينها حديثا موضوعا؟

3- وممن أنكر خروج الدجال أيضا الداعية الفلسطيني الدكتور عدنان إبراهيم  إمام وخطيب مسجد الشورى بفيينا في النمسا؛ فقد ألقى سلسلة من الخطب ينكر فيها بعض أشراط الساعة؛ كالمهدي والدجال ونزول عيسى والدخان..، ويصفها بـ "الأساطير"، و"الأكاذيب"؛ وقد ألقى خطبة في مسجده المذكور يوم (27 – 04 - 2012) في قضية (ظهور الدجال) بعنوان (الدجال .. تدجيل أم تغفيل)، وهي مسجلة ومنشورة في موقعه على شبكة الأنترنت([27])؛ ينكر فيها عقيدة الدجال، ويصف أحاديثه بالأكاذيب والخرافات؛ مستندا إلى ما يلي:

1- أن ابتلاء جيل واحد من البشر دون بقيه الأجيال بفتنة عظيمة بحجم فتنة الدجال مناف للحكمة والعدل الإلهيين.

2- أن ما معه من الخوارق مناف للعقل، وحقائق العلم .

3- أن الأرض اكتشفت عن آخرها، وهي الآن بأسرها تحت أنظار العلماء؛ ولم يقعوا للدجال فيها على أثر.

4- أنه لم يذكر في القرآن تصريحا ولا تلميحا.

5- أن أحاديث الدجال متعارضة تعارضا يوجب تساقطها.

وفي أثناء الخطبة اعترض على نفسه بأن أحاديث الدجال في الصحيحين، وقد تلقتهما الأمة بالقبول؛ فأجاب - وهنا أنقل كلامه بحروفه - : «يراد لنا أن نصدق أن كل ما في الصحيح صحيح؛ من أين أتيتم بهذه الأسطورة؟ هذه فرية .. هذه أكذوبة .. يا جماعة، عقولنا ما عادت تقبل هذه الخرافات والله .. أريد أن أقول – مع احترامنا لأئمتنا وعلمائنا ومشائخنا وكتبنا – ليس كل ما فيها صحيحا .. فيها الصحيح وفيها دون ذلك؛ البخاري أكثره صحيح، ولكن فيه كم ليس بصحيح، وكذا مسلم .. هذه خطة حمقاء؛ أن يصر علماؤنا على أن كل ما في الصحيحين صحيح».

هذا جملة ما استند إليه من المسوغات لإنكار الدجال، وهي مستندات واهية لا تقوى على الصمود أمام النقد العلمي المنضبط لقواعد الشرع:

1- فأما دعواه كون ابتلاء جيل من الناس دون بقية الأجيال بفتنة الدجال منافيا للعدل الإلهي، فليس كما قال؛ فإن الله يبتلي من يشاء بما شاء، ويفضل بعض الناس على بعض، أفرادا وأجيالا، وله الحكمة البالغة في ذلك، ولا يسأل عما يفعل؛ فقد فضل أجيالا بأن أرسل فيهم رسلا، ورأوا الرسل يمشون بينهم، وأراهم من معجزاته؛ فرأوا دلائل صدقهم عيانا، وابتلى أجيالا أخرى بأن كلفهم بالتصديق بالرسل وإن لم يروهم؛ وفضل الرسل فأراهم من آياته وأطلعهم على الغيب، وكلم بعضهم بلا واسطة حتى غدت المغيبات عندهم كالمحسوسات عندنا، ولم يفعل بغيرهم شيئا من ذلك؛ فهل يجب إنكار كل ذلك، لأنه مناف للعدل الإلهي في عقولنا؟ أم نتهم عقولنا القاصرة، ونُحَكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم فيما شجر بيننا دون أن نجد في أنفسنا حرجا مما قضى ونسلم تسليما؟ 

2- وأما كون ما مع الدجال من الخوارق مناف للعقل، وحقائق العلم، وأن العلماء لم يقعوا له على أثر في الأرض، وقد اكتشفت عن آخرها؛ فإن القرآن الذي لا يمل عدنان في خطبه من التذكير بأنه على الرأس والعين، قد تضمن من معجزات الأنبياء ما يقف العقل عاجزا عن إدراكها؛ كالإسراء والمعراج، وتوقيف نار إبراهيم عن معتاد الإحراق، كما تضمن نبوءة خروج ياجوج وماجوج من مكان ما في الأرض؛ فما على ملحد لو اتخذ نفس الذرائع "العدنانية" مسوغا للطعن في القرآن؛ لأن ما ذكر فيه من الخوارق مناف للعقل وحقائق العلم، وأن العلماء لم يقعوا لياجوج وماجوج على أثر في الأرض، وقد اكتشفت عن آخرها؟

3- أما ما ذكره من التعارض بين أحاديث الدجال، فقد أجاب شراح الحديث من العلماء؛ كالحافظ ابن حجر في فتح الباري، والقاضي عياض في شرح مسلم  عن أوجه التعارض بينها، وإذا لم يرتض إجاباتهم؛ فإن النصوص إذا صح ثبوتها لا تتساقط بتعارضها في ذهن المتلقي؛ إذ من المعلوم أن التعارض الذي يظن حصوله بين حديثين ثابتين «إنما يكون بالنسبة إلى ظن المجتهِد .. وأما التعارض في نفس الأمر بين حديثين صحيحينِ فغير صحيح»([28])؛ قال ابن خزيمة: «لا أعرف أنه روي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] حديثان بإسنادين صحيحين متضادين، ومن كان عنده فليأت به حتى أؤلف بينهما»([29])، وقال الشافعي: «ولم نجد حديثين مختلفين إلا ولهما مخرج»([30]).

هذا وإن موقف أبي رية، وفريد وجدي، وعدنان إبراهيم من أحاديث الدجال راجع إلى موقفهم العام من السنة؛ فهم محسوبون على مدرسة (العقلانيين) المحْدَثين الذين اشتغلوا بالطعن في حجية السنة؛ وهي نزعة اعتزالية قديمة، تصدى لها علماء الحديث في محاججتهم لمن يتبناها من الفرق الكلامية.

4- أما التعرض لنقد الصحيحين، والقول بأن ليس كل ما فيهما صحيحا، وأن أحاديثهما يجب أن تخضع –ككل الأحاديث- للنقد قبل الحكم لها بالقبول أو عدمه، فتطاول من جاهل بعلم الحديث على إمامين أجمعت الأمة على إمامتهما وتقدمهما في صناعة الحديث، وسلم لهما كبار الأئمة بالتبرز في هذا الشأن، ولم يجرؤ أحد منهم على جلالة أقدارهم في علم الحديث على إصدار مثل هذا الحكم في الصحيحين، حتى نبتت طائفة من العلمانيين في هذا الوقت بين قوم يحلو لهم أن ينعتوا بوصف "المفكرين الإسلاميين"، فراحوا يصدرون مثل هذه الأحكام الغليظة؛ وإن أحدهم ليعييه أن يحفظ حديثا واحدا بسنده ومتنه، فضلا عن الجهل التام بهذا العلم وأصوله.

إن من كمال العقل أن يحترم كل ذي تخصص تخصصه، وأن لا يتطاول المرء على ما لا دراية له به، وإلا فهل من المعقول مثلا أن يستدرك من لم يدرس الطب يوما على من أفنى عمره في دراسته؟ وهل يسمح لأعجمي يعجزه أن يؤلف جملة واحدة سليمة بلغة الضاد أن يتعاطي نقد فحول شعراء العرب فيما يبدعونه من مليح القصائد؟   

        إذا وَصَفَ الطائيَّ بالبُخلِ مـادِرٌ        وعَيّرَ قُسّاً بالفَهـاهةِ باقِـــل

        وقال السُّهى للشمس أنْتِ خَفيّةٌ         وقال الدجى يا صُبْحُ لوْنُكَ حائل

        وطاوَلَتِ الأرضُ السّماءَ سَفاهَـةً       وفاخَرَتِ الشُّهْبَ الحَصَى والجَنادل

        فيا موْتُ زُرْ! إنّ الحياةَ ذَميـمَـةٌ       ويا نَفْسُ جِدّي إنّ دهرَكِ هـازِل([31]).

ثم إن من يتصدون لنقد الصحيحين مطالبون بأن يقترحوا منهجا بديلا  لنقد الروايات، غير منهج المحدثين الذي على أساسه تلقى المسلمون أحاديثهما بالرضا والقبول؛ وإلا فـ«ماذا نفعل بهذه الثروة من كتب السنة الموجودة؟ أنرميها كلها؟ أم نأخذ بها كلها؟ أم نأخذ بعضها ونترك بعضها؟ وما القاعدة في ذلك؟ العقل الصريح؟ عقل من؟»([32]) أليست العقول والأذواق مختلفة؟ فإلى أي معيار نحتكم إذا اختلفت عقولنا وأذواقنا في قبول خبر أو رده؟  

فإذْ لم يأتوا - ولن يأتوا- بمنهج نقدي جديد، فلا مناص من الاحتكام إلى القواعد العلمية التي وضعها علماء الحديث معيارا لتمييز المقبول من المردود في الأخبار؛ وبالاحتكام إلى هذا المنهج جزم المحدثون - وهم المرجوع إليهم في هذا الشأن دون غيرهم- بأن أحاديث الدجال ثابتة قطعا عن النبي صلى الله عليه وسلم بطريق التواتر، فوجب التسليم بها، ولزم أن يكون الرادُّ لها رادّاً على النبي صلى الله عليه وسلم.

 

المحور الثاني: مسلك مؤولي أحاديث الدجال

 هناك طائفة من منكري ظهور الدجال، سلموا بثبوت أحاديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن عقولهم ضاقت عن أن تستسيغ ما تضمنته من ظهور دجال يضل الناس بما معه من الخوارق على نحو ما ذكر في الأحاديث، ففزعوا إلى تأويل الدجال بأنه رمز للخرافات والدجل والفساد، وتأويل نزول عيسى وقتله إياه بهبوب رياح الخير والإصلاح على تلك الخرافات والدجل والفساد؛ وقد سلك هذا المسلك طائفة من علماء الكلام قديما، وبعض رموز الإصلاح حديثا.

 فقد حكى سعد الدين التفتزاني هذا التأويل عن بعض العلماء دون أن يسميهم؛ فقال: «وأول بعض العلماء ... خروج الدجال بظهور الشر والفساد ونزول عيسى صلى الله عليه وسلم باندفاع ذلك وبدو الخير والصلاح»([33]).

 وسئل محمد عبده عن المسيح الدجال وقتل عيسى له - كما نقل عنه صاحب تفسير المنار- فقال: «إن الدجال رمز للخرافات والدجل والقبائح، التي تزول بتقرير الشريعة على وجهها، والأخذ بأسرارها وحِكَمها»([34]) .

وقد تبنى الشيخ أحمد مصطفى المراغي هذا التأويل وذكره بحروفه في تفسيره([35]).

ووافقهما محمد فهيم أبو عيبة من شيوخ الأزهر على هذا التأويل في تعليقه على كتاب النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير؛ جاء في كلامه:

«هل بقي عيسى عليه السلام حتى الآن حيا؟ وسينزل إلى الأرض ليجدد الدعوة إلى دين الله بنفسه؟ أم أن المراد بنزول عيسى هو انتصار دين الحق، وانتشاره من جديد على أيد مخلصة، تعمل على تخليص المجتمع الإنساني من الشرور والآثام؟ رأيان(!) ذهب إلى كل منهما فريق من العلماء(!)، وهذا هو ما يقال بالنسبة إلى الدجال: هل هو شخص من لحم ودم، ينشر الفساد، ويهدد العباد، ويسلك وسائل الترغيب والترهيب والإفساد؛ حتى يقيض الله له عيسى عليه السلام فيقتله؟ أم إنه رمز لانتشار الشر، وشيوع الفتنة، وضعف نوازع الفضيلة، تهب عليه ريح الخير المرموز إليها بعيسى عليه السلام، فتذهبه وتقضي عليه، وتأخذ بيد الناس إلى محجة الخير ومنهج العدل والتدين؟»([36]).

 و بعد صفحات يرجح الرأي الثاني بأن «اختلاف ما روي من الأحاديث في مكان ظهور الدجال ... يشير إلى أن المقصود بالدجال: الرمز إلى الشر واستعلائه»([37]).

وكان قد جزم في تصديره للكتاب بـ«أن الدجال رمز لاستشراء الفتنة، واستيلاء الضلال فترة من الزمان»([38]).

وتأويل الدجال، ونزول عيسى على إثره بأنهما رمز لما ذكر، لا أن كلا منهما شخص بعينه لا تساعد عليه قوانين العربية، ولا مضامين الأحاديث الواردة في ذلك؛ فإنه ليس من معهود العرب في لسانهم أن يستعملوا لفظ (الدجال) للدلالة على الخرافات والشر والفساد، وعبارة (نزول عيسى) و (قتله إياه) بهبوب رياح الخير، والقضاء على الشر، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخاطب الناس بما لا يفهمون، ولو أراد ما أولوا به (الدجال) و (نزول عيسى لقتله)؛ لتنبأ كما جرت عادته بصريح العبارة: أنه سيأتي شر وفساد ويعقبه خير وصلاح.

وألفاظ أحاديث الدجال تدل بوضوح لا يقبل التأويل على أنه شخص معين من لحم ودم؛ منها على سبيل المثال: أن عيسى «يدركه بباب لد فيقتله، ويريهم دمه في حربته»؛ فهل يصح حمل هذا الكلام على أنه تبشير بهبوب رياح الخير والصلاح على الشر والقضاء عليه؟ فما معنى تحديد مكان القضاء على الشر بأنه (باب لد)؟ وما السبيل إلى تأويل كون عيسى "يريهم دمه في حربته"؟

وتأويل الشيخ عبده ومن تبعه لفتنة الدجال بما ذكر صادر عن نزعتهم العقلانية القاضية بـ«أنه إذا تعارض العقل والنقل، أخذ بما دل عليه العقل، وبقي في النقل طريقان: طريق التسليم بصحة المنقول مع الاعتراف بالعجز عن فهمه، وتفويض الأمر إلى الله في علمه، والطريق الثانية تأويل النقل - مع المحافظة على قوانين اللغة - حتى يتفق معناه مع ما أثبته العقل»([39])، والتعارض المذكور بين العقل والنقل حاصل - حسب هذه المدرسة - في قضية فتنة الدجال؛ وحيث إن نصوصه ثابتة لا يسوغ ردها، أوجبوا المصير إلى تأويلها؛ ولكنهم عند التأويل ناقضوا هذا الأصل؛ فأخلوا بشرط "المحافظة على قوانين اللغة"، كما بينا، فلزم من ذلك بطلان تأويلهم.

 

المحور الثالث: موقف محمد رشيد رضا من أحاديث الدجال

موقف السيد محمد رشيد رضا من أحاديث الدجال من المواقف التي تستدعي الوقوف معها؛ لأن موقفه قد وُظِّف في جانب منه لتأييد نزعة إنكار الدجال؛ بل قد استعان به من يطعن في عموم السنة؛ كما فعل أبو رية في كتابه السالف الذكر([40])؛ حتى شاع بين البعض أن رشيد رضا من منكري الدجال.

وقد فصَلت موقفه ولم أدرجه ضمن المنكرين ولا المؤولين؛ لأن كلامه في أحاديث الدجال مضطرب ومتردد بين الإنكار والتسليم والتأويل.

فقد أورد في تفسيره إشكالات على أشراط الساعة عموما وإشكالات خاصة على أحاديث الدجال لا يكاد مطالعها يشك في أنه ينكر أحاديث أشراط الساعة كلها وضمنها أحاديث الدجال.

فبعد أن ذكر تقسيمات لأشراط الساعة، وأنها تنقسم بالنظر إلى طبيعتها إلى صغرى معتادة، وكبرى خارقة للعادة، قال: «ويرِدُ من الإشكال على ما ذكر [أي من أشراط الساعة] أن ما ورد من الأشراط الصغرى، المعتاد مثلها، التي تقع عادة بالتدريج لا يُذَّكِّر بقيام الساعة، ولا تحصل به الفائدة التي من أجلها أخبر الشارع بقرب قيام الساعة، وأن ما ورد من الأشراط الكبرى الخارقة للعادة يضع العالِمَ به في مأمن من قيام الساعة قبل وقوعها كلها، فهو مانع من حصول تلك الفائدة؛ فالمسلمون المنتظرون لها يعلمون أن لها أشراطا تقع بالتدريج، فهم آمنون من مجيئها بغتة في كل زمن، وإنما ينتظرون قبلها ظهور الدجال والمهدي والمسيح عليه السلام وياجوج وماجوج، وهذا الاعتقاد لا يفيد الناس موعظة ولا خشية، ولا استعدادا لذلك اليوم، أو لتلك الساعة، فما فائدة العلم به إذاً؟.. وهل كان نبينا يريد بالإخبار بها تأمين الناس مدة قرون كثيرة إلى أن تظهر هذه الأشراط؟ أم كان يتوقع ظهورها بعده في قرنه أو فيما يقرب منه كغيره من الرسل ..؟» ([41]).

ثم أورد خمسة إشكالات خاصة على أحاديث الدجال:

(أحدها): ما ذكره في كلامه المتقدم من منافاتها لحكمة إنذار القرآن الناس بقرب قيام الساعة وإتيانها بغتة.

(ثانيها): ما ذُكِر فيها من الخوارق التي تضاهي أكبر الآيات التي أيد الله بها أولي العزم من المرسلين، أو تفوقها، .. ومن المعلوم أن الله ما آتاهم هذه الآيات إلا لهداية خلقه، فكيف يؤتي الدجال أكبر الخوارق لفتنة السواد الأعظم من عباده؟

(ثالثها): أن ما عزي إليه من الخوارق مخالف لسنن الله تعالى في خلقه، وقد ثبت بنصوص القرآن القطعية أنه لا تبديل لسننه تعالى ولا تحويل، وهذه الروايات المتضاربة المتعارضة لا تصلح لتخصيص هذه النصوص القطعية ولا لمعارضتها.

(رابعها): اشتمال بعض هذه الأحاديث على مخالفة بعض القطعيات الأخرى من الدين؛ كتخلف أخبار الرسل أو كونها عبثا، وإقرارهم على الباطل، وهو محال في حقهم.

(خامسها): أنها متعارضة تعارضا كثيرا يوجب تساقطها([42]).

ثم لخص موقفه في أن «جملة أخبار الدجال قالوا إنها متواترة، يعنون التواتر المعنوي؛ وهو أن لها أصلا، وإن لم يتواتر شيء من رواياتها، ويدل القدر المشترك منها على أن النبي صلى الله عليه وسلم كُشِف له وتمثل له ظهور دجال في آخر الزمان، يظهر للناس خوارق كثيرة وغرائب يفتتن بها خلق كثير، وأنه من اليهود، وأن المسلمين يقاتلونه، ويقاتلون اليهود في هذه البلاد المقدسة، وينتصرون عليهم، وقد كُشِف له ذلك مجملا غير مفصل، ولا بوحي به عن الله تعالى –كما كشف له غير ذلك من الفتن-، فذكره، فتناقله الرواة بالمعنى، فأخطأ كثير منهم، وتعمد الذين كانوا يبثون الإسرائيليات الدس في رواياته، ولا يبعد أن يقوم طلاب الملك من اليهود الصهيونيين بتدبير فتنة في هذا المعنى، يستعينون عليها بخوارق العلوم والفنون العصرية؛ كالكهرباء والكيمياء وغير ذلك والله أعلم» ([43]).

هذا ما قاله عن أحاديث الدجال في التفسير، وقد حمل هذا الكلام بعض الشيوخ في زمانه على اتهامه بإنكار عقيدة الدجال، وردِّ أحاديثِه، حتى بين له مراده مما كتب في مجلس جمع بينهما.

 فقد ذكر أنه جمعه مجلس مع بعض العلماء النجديين؛ فذاكره حول ما كتبه في أحاديث الدجال وإيراد الإشكالات حتى على الصحاح منها، وما في ذلك من مخالفة خطة المنار.

فقال له الشيخ رضا فيما قال: إن غرضنا من أصل البحث تبرئة رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل طعن يورده أحد على بعض هذه الروايات تبرئة يقبلها عقله، ويطمئن لها.

 فذكر له النجدي: أن له أجوبة مقنعة على هذه الإشكالات، دون الطعن في صحة الأسانيد.

 فقال الشيخ رضا: فعليك إذًا أن تكتب لنا ما عندك في ذلك؛ لننشره في المنار، وعسى أن يكون خيرًا وأهدى سبيلاً؛ قال: «ثم ذهب الرجل وغاب عنا غيبة طويلة جاءنا بعدها بمقال طويل غير ما اقترحناه عليه، وقد اتهمنا فيه أننا أنكرنا أحاديث الدجال كلها، وحاول الرد علينا بإثباتها وفيه أغلاط أخرى - فقرأنا عليه طائفة منه [من المقال] بينا له ما فيها من الغلط، وإن بعضه قد جاء من عدم فهم عباراتنا التي صرحنا فيها بأنها متواترة تواترًا معنويًّا وإن القدر المشترك الذي يدل عليه التواتر المعنوي هو كذا وكذا، فاعترف بالخطأ» ([44]).

ففي محاورته هذه يظهر بوضوح تبرؤه من إنكار أحاديث الدجال، وأنه يقر بتواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم تواترا معنويا، ويؤمن بالقدر المشترك الذي يدل عليه التواتر المعنوي؛ وهو - كما ورد في نص كلامه في التفسير- «ظهور دجال في آخر الزمان، يظهر للناس خوارق كثيرة وغرائب يفتتن بها خلق كثير، وأنه من اليهود، وأن المسلمين يقاتلونه، ويقاتلون اليهود في هذه البلاد المقدسة، وينتصرون عليهم».

ولكن الإشكالات التي أوردها على أشراط الساعة وعلى أحاديث الدجال تجعل القارئ في ريب من اعتقاده ظهور الدجال، بل وبأشراط الساعة عموما.

وقد بين تلميذه الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة سبب تشككه في أحاديث أشراط الساعة؛ وهو أنه «تخرج .. على أستاذه الإمام الشيخ محمد عبده، الذي تمهَّر في فلسفة القرن الثامن عشر والتاسع عشر ورضعا جميعاً لبان فلسفة (جوستاف لوبون) و(كانت) و(نتشه) و(سبنسر) وغيرهم من أساطين الفلسفة المادية التي تقول بجبرية الأسباب والمسببات، وأن العالم يسير بنواميس لا يمكن أن تتخلف أو أن ينفك مسبب عن سببه عقلاً .

فلم تتسع الفلسفة المادية في تفكيرهما للإيمان بالمعجزات والخوارق من انشقاق البحر لموسى والعصا له، وآيات عيسى بن مريم ورفعه للسماء ونزوله، وخروج الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وانشقاق القمر، وغيرهما من الآيات .

ولما لم تتسع فلسفتهما – فلسفة القرن الثامن عشر والتاسع عشر – لهذه الخوارق والآيات والمعجزات، أخذا في تأويلها في القرآن والشك في أحاديثها»([45]).

هذا ويمكن أن نسجل على ما كتبه السيد رضا حول أشراط الساعة وأحاديث الدجال المؤاخذات التالية:

1- نفيه أن تكون "الأشراط الصغرى، المعتاد مثلها، مذكرة بقرب قيام الساعة"، غير صحيح، ولعله صادر في هذا النفي عن إحساسه الخاص؛ فإذا كانت أشراط الساعة الصغرى لا تذكره هو بقرب القيامة، فقد تذكر غيره من المؤمنين، واستشعار قرب قيام القيامة برؤية ما تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بحدوثه بين يدي الساعة هو الواجب على كل من يؤمن بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يستشعر ذلك لا يكون إحساسه حجة في رد ما تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بحدوثه.

2- أن إخبار الله تعالى بمجيء الساعة بغته لا ينافيه الإخبار بما يسبقها من المقدمات المؤذنة ببدء قيامها، وهي الأشراط الكبرى؛ فإن تلك الأشراط هي بداية لقيام الساعة، وهي التي ستحدث بغتة، وسيكون مجيئها مفاجئا، ولعل السيد رضا يتصور أن قيام الساعة حدث يقع في لحظة واحدة وهو ما يحصل عند النفخ في الصور؛ والصواب أن قيام الساعة مسلسل من الأحداث يبدأ بظهور أولى العلامات الكبرى وينتهي بالنفخ في الصور، وحدوث أولى العلامات الكبرى هو الذي يكون مفاجئا للعالِم بأشراط الساعة، أما النفخ في الصور فسيكون مباغتا لمن لا علم له بأن الأشراط الكبرى مؤذنة بقيام القيامة، ولمن يرى خلود العالم، ولا يؤمن بالآخرة.  

ثم إن ما ذكره من "أن ما ورد من الأشراط الكبرى الخارقة للعادة يضع العالِمَ به في مأمن من قيام الساعة قبل وقوعها كلها...؛ مما يجعل هذا الاعتقاد لا يفيد الناس موعظة ولا خشية، ولا استعدادا لذلك اليوم"، ينطبق كذلك على ما صرح به القرآن من العلامات الكبرى التي تسبق قيام الساعة كدابة الأرض وياجوج وماجوج؛ فهل يجوز القول: إن الله أخبر في القرآن بما "لا يفيد الناس موعظة ولا خشية، ولا استعدادا للآخرة"؟

3- جعله ما في أحاديث الدجال من الخوارق المضاهية لمعجزات الرسل والمفضية إلى "فتنة السواد الأعظم من العباد" إشكالا يدعو إلى التشكك فيها، من جهة أن الخوارق لم يجرها الله على أيدي الرسل إلا لهداية خلقه، ومن جهة أن ما عزي إلى الدجال من الخوارق مخالف لسنن الله تعالى في خلقه؛ أقول هذا الاستشكال مردود من وجهين:

الأول: أن إجراء الخوارق على أيدي العباد لا يختص بالرسل، والأولياء؛ «فإن الخوارق تقع على يد الكافر والملحد والفاسق كما تقع على يد المؤمن» ([46])؛ فإذا صح أن الخوارق تقع على يد الكافر؛ لزم ألا يكون القصد من إجرائها على أيدي العباد منحصرا في هداية الخلق؛ فإن ما يقع على يد الكافر من الخوارق لا يكون القصد منه إلا ابتلاء العباد واختبار دينهم، وفتنة الناس لا تعني إفساد دينهم كما قد يفهم من كلام السيد رضا، وإنما تعني امتحان صدقهم فيما يدعونه من الإيمان والصلاح؛ وهو مقصد رئيسي من مقاصد الخلق، وبعث الدجال من وسائل تحقيقه كما تقدم في مطلب فتن الدجال.

الثاني: أن كون خوارق الدجال خارجة عن معتاد السنن الإلهية في الكون لا يقدح في صحة أحاديثه؛ لأن خروج الدجال يكون في زمان قد انخرقت فيه العوائد، فلا يقاس بمقياس الأزمنة العادية، ومخالفة سنن الله عز وجل في خلقه موجود كذلك في معجزات الأنبياء، وما ثبتت به خوارق الدجال من الأدلة لا يقل في قوته عما ثبتت به معجزات الرسل؛ سيما بعد أن تبينا من كلام نقاد الحديث أن أحاديث الدجال متواترة.

4- أما زعمه أن "بعض هذه الأحاديث تشتمل على مخالفة بعض القطعيات الأخرى من الدين؛ كتخلف أخبار الرسل أو كونها عبثا، وإقرارهم على الباطل، وهو محال في حقهم"؛ فيقصد بذلك أن من أحاديث الدجال كما مر قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ»؛ وقد مضى الأنبياء جميعا ولم يخرج الدجال، ومن قطعيات الدين أن أخبار الرسل لا تتخلف؛ وهذا غلط بين؛ فإن الرسل بمن فيهم خاتمهم صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يعلمون وقت خروجه؛ ألم تر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ»([47])؛ فكل منهم يعتقد احتمال خروجه في زمانه؛ ولكن لم يكونوا يسمون لأقوامهم وقت خروجه، ولا كانوا يدعون ظهوره في زمانهم.

5-  ما ادعاه من أن النبي صلى الله عليه وسلم كُشِف له أمر الدجال وتمثل له مجملا غير مفصل، ولم يتلقاه بوحي من الله، زعم غير مفهوم؛ ولا يُدرى ما معنى تلقي النبي صلى الله عليه وسلم خبر الدجال عن طريق (الكشف) و (التمثل)؟ إن كان يقصد بذلك الإلهام فالإلهام من الوحي، ومَن فاعل (الكشف) الذي حذفه وبنى الفعل للمفعول؟ أيمكن أن يكون غير الله؟ وإذا كان التقدير: (كشف الله للنبي أمر الدجال)، فبأي طريق سيكشفه له غير طريق الوحي؟ وهل يصح أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بأمر مستقبلي دون وحي من الله؟

هذا وجملة القول في موقف السيد رشيد رضا من عقيدة ظهور الدجال أن مجموع كلامه عنه في التفسير ومجلة المنار([48])  يدل على أنه مسَلِّم بظهوره، ويؤوله - في غير جزم- على نحو غير مفهوم؛ كما قال فيما تقدم: «ولا يبعد أن يقوم طلاب الملك من اليهود الصهيونيين بتدبير فتنة في هذا المعنى، يستعينون عليها بخوارق العلوم والفنون العصرية؛ كالكهرباء والكيمياء وغير ذلك والله أعلم»؛ غير أن هذه الفتنة التي لا يستبعد أن يكون الصهاينة يدبرون لها، لا يُدرى ما هي؟ ولا كيف سيستعينون عليها "بخوارق العلوم والفنون العصرية"؟ وحتى لو دبروا فتنة ما، فهل يصح أن يقال: إنها المقصودة في الأحاديث بفتنة المسيح الدجال؟

 



[1] "الشرح الميسر على الفقهين الأبسط والأكبر"؛ لمحمد بن عبد الرحمن الخميس، ط. مكتبة الفرقان، الإمارات العربية، (1419هـ/1999م)، ص: 72.

[2] أصول السنة، ط. دار المنار، الخرج – السعودية، الطبعة.1، (1411هـ)، ص: 33- 34.

[3] مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ط. المكتبة العصرية، بيروت، (1411هـ/1990م): 1/348.

[4] العقيدة الطحاوية، مطبوع ضمن كتاب "متون في العقيدة"، ط. دار ابن حزم، بيروت، الطبعة.1، (1433هـ/2012م)، ص: 87. 

[5] نفسه، ص: 103.

[6]  قصة المسيح الدجال، ص: 24-25.

[7]  النهاية في الفتن والملاحم: 1/139.

[8]  نفسه: 1/144.

[9]  صديق حسن خان القنوجي، "الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة"، ص: 224.

[10]  نظم المتناثر من الحديث المتواتر، ص: 229.

[11]  محمد أنور شاه الكشميري، "التصريح بما تواتر في نزول المسيح"، تحقيق وتعليق عبد الفتاح أبي غدة، ط. دار القلم، دمشق، الطبعة.5، (1412هـ/1992م)، ص: 102، هامش رقم (3).

[12]  قصة المسيح الدجال، ص:25.

[13]  عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد، "الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وجهوده في توضيح العقيدة"، ط. مكتبة الرشد،  الرياض، الطبعة.2، (1414هـ/1993)، ص: 247.

[14]  ابن كثير، "النهاية في الفتن والملاحم": 1/139.

[15]  القاضي برهون، "خبر الواحد في التشريع الإسلامي وحجيته"، ط. مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة1، (145هـ/1995م)، ص: 285.

[16]  سعيد رمضان البوطي، "كبرى اليقينيات الكونية"، ط. دار الفكر المعاصر، بيروت، ودار الفكر، دمشق (1417هـ/1997م)، ص: 321.

[17]  حديث: "من كذب بالمهدي فقد كفر" ذكره الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان"، ط. مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة.3، (1406هـ / 1986م): 5/130 ، فقال: «وجدت في كتاب معاني الأخبار للكلاباذي خبرا موضوعا»، فذكره بهذا اللفظ: (من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أنكر نزول عيسى فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر بما أنزل على محمد، فإن جبرائيل أخبرني أن الله قال: من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فليتخذ ربا غيري)، وذكره الشيخ عبدالله بن الصديق الغماري في كتابه "المهدي المنتظر"، إصدار جمعية آل البيت للثرات والعلوم الشرعية، فلسطين، (دون تاريخ)، ص:41، وقال: «قال السفاريني: (وسنده مرضي)، وتعقبه بقوله: «كذا قال: ولكن القلب يشهد ببطلانه»، وأورده الألباني في "السلسلة الضعيفة"، رقم (1082)، وقال: «هذا حديث باطل .. وهو ظاهر الوضع، وكأنه من وضع بعض المحدثين و غيره من الجهلة، وضعه ليقيم به الحجة على منكري ذلك من ذوي الأهواء والمعتزلة، ولن تقوم الحجة على أحد بالكذب على رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، والافتراء على الله تعالى، فقاتل الله الوضاعين ما أجرأهم على الله  عز وجل».

[18]  أبو رية "أضواء على السنة المحمدية"، ط. دار المعارف، القاهرة، الطبعة.6، (د. تاريخ)، ص: 212.

[19]  محمد فريد وجدي "دائرة معارف القرن العشرين"، مادة (مسخ): 8/794.

[20]  نفسه: 8/794-797

[21]  سورة النمل: 82

[22]  "أمى البقرة"، مقال منشور  بمجلةBhavan’s journal ، عدد نوفمبر سنة 1963م، ص: 11، عن د. أحمد شلبى، "مقارنة الأديان (أديان الهند الكبرى)"، ط. مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، (1984)، ص: 31.

[23]  ادخل بعبارة (عبادة الفئران) على محرك البحث (Google)، واقرأ تقارير، وشاهد صورا وفيديوهات كثيرة عن تقديس وعبادة الفئران، ومعابدها في الهند.

[24]  محمد ناصر الدين الألباني، "الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام"، ط. مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة.1، (1425هـ/2005م)، ص: 34، وحديث (أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)، جزء من الذي بعده

[25]  أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في لزوم السنة، رقم (4604)، وأحمد في مسنده، رقم (17213)، وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند: «إسناده صحيح رجاله ثقات»، وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (2643).

[26]  أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: في فتح قسطنطينية وخروج الدجال ونزول عيسى بن مريم، رقم (7207).

[27] وهو: http://www.adnanibrahim.net

[28]  بدر الدين الزركشي، "البحر المحيط في أصول الفقه"، تحقيق د.محمد تامر، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، (1421هـ /2000م): 4/442

[29]  نفسه.

[30]  كتاب الرسالة، تحقيق أحمد محمد شاكر، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، (بلا تاريخ)، ص: 216.

[31] ديوان أبي العلاء المعري، من قصيدة: (ألا في سبيلِ الْمَجْدِ ما أنا فاعلُ؟).

[32]  مصطفى السباعي، "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي"، ط. المكتب الإسلامي، ودار الوراق للنشر والتوزيع، (دون تاريخ)، ص: 407

[33]  شرح المقاصد في علم الكلام، ط. دار المعارف النعمانية، باكستان، (1401هـ / 1981م): 2/309.

[34]  رشيد رضا، "تفسير القرآن الحكيم"، ط. دار المنار، مصر، الطبعة.3، (1367هـ): (3/317).

[35]  تفسير المراغي، ط. شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة.1، (1365هـ/1946م): 3/170.

[36]  النهاية في الفتن والملاحم، تحقيق محمد فهيم: 1/71، عن الألباني، "قصة المسيح الدجال"، ص: 11-12.

[37]  المصدر نفسه: 1/118، عن المرجع نفسه، ص: 14.

[38]  المصدر نفسه: 1/6، عن المرجع نفسه، ص: 11-12.

[39]  محمد عبده، "الاضطهاد في النصرانية والإسلام"، مطبوع ضمن "الأعمال الكاملة"، للشيخ محمد عبده، تحقيق وتقديم محمد عمارة، ط. دار الشروق، القاهرة، الطبعة.1، (1414هـ/1993م): 3/301.

[40]  انظر محمود أبو رية "أضواء على السنة المحمدية"، ص: 156-158 ، و ص:211.

[41]  تفسير القرآن الحكيم: 9/488-489.

[42]   نفسه: 9/489-491.

[43]  نفسه: 9/498-499

[44]   أحاديث الدجال وانتقاد بعض النجديين، مقال منشور بمجلة المنار، عدد صفر 1346هـ، الموافق أغسطس 1927م، ضمن المجلد 28، ص: 474-475.

[45]  ظلمات أبي رية أمام أضواء السنة المحمدية، ط. المطبعة السلفية، القاهرة، (1378هـ)، ص:236-237.

[46]  ابن تيمية، "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان"، ص: 40.

[47]  أخرجه مسلم في كتاب الفتن، باب ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم (7299).

[48]  من نصوص مجلة المنار التي ورد فيها كلامه عن الدجال، ويظهر فيها تسليمه بظهوره:

* قوله: «لا شك عندنا في أن الفتنة المنتظرة هي من أعظم فتن الأرض أو أعظمها على الإطلاق، وهي محاولة إعادة ملك اليهود المعبرعنها في الأحاديث بفتنة المسيح الدجال».  شيء عن الصهيونية وحكاية الهيكل، مقال منشور بمجلة المنار، عدد شوال 1346هـ، الموافق أبريل 1928م، ضمن المجلد 29، ص: 153.

  * وقوله: «إن عندنا معشر المسلمين بشارات من خاتم النبيين ..أصرح من بشارات أنبياء اليهود ، كأخبار المسيح الدجال الذي يظهر فيهم، فيتعصبون له ويقاتلون المسلمين والنصارى في فلسطين وغيرها، فيُخذلون ويغلبون على أمرهم». حقائق في بيان حال اليهود والإنكليز والعرب والرأي في مستقبل العرب والشرق، مقال منشور بمجلة المنار، عدد جمادى الآخرة  1348هـ، الموافق ديسمبر 1929م، ضمن المجلد 30، ص: 452.

تعليقات

التنقل السريع